إسرائيل من الداخلالحياة السياسيةانتخابات الكنيست 2019

موشي يعالون مجرم حرب مطلوب دوليًا ينافس على مقعد في الكنيست

في 16 أبريل 1988، تسللت وحدات كوماندوز إسرائيلية خاصة إلى تونس عبر البحر، حتى وصلت إلى منزل القياد الفلسطيني خليل الوزير أبو جهاد، في ضاحية “سيدي بوسعيد” التي تبعد نحو خمسة كيلومترات عن شاطئ البحر شمال شرقي العاصمة تونس. أطلقت القوات الإسرائيلية النار عليه أمام زوجته وأبنائه، بعد أن عمدت إلى قتل ثلاثة من حراسه الشخصيين.

بعد تنفيذ عملية الاغتيال، قرر قائد الوحدة التأكد بنفسه من مقتل القيادي في حركة فتح، الذي كان غارقًا أمامه في دمائه، أطلق الضابط الصهيوني رصاصة في منتصف رأس أبو جهاد، ليتأكد بنفسه أنه قد فارق الحياة. بعد ثلاثون عامًا من هذه الرصاصة، يقف الضابط نفسه، وهو موشي يعالون، أمام الرأي العام الإسرائيلي مرشحًا للكنيست، بدلًا من أن يقف أمام محكمة دولية لمحاكمته على جرائمه، في حق الشعب الفلسطيني.

الاعتراف الذي أدلى به الوزير السابق بروح باردة وبجاحة غير مسبوقة، يأتي تأكيدا على أن يعالون يحمل سجلًا إجراميًا حاشدًا بالانتهاكات والجرائم، فوزير الأمن السابق متورط في العديد من الجرائم التي تم ارتكابها خلال وجوده في منصبه، بعضها لا يزال خفي، وبعض الآخر مُعلن بشكل لا يقبل الشك، ناهيك عن اعترافه شخصيًا مرارًا بارتكاب العديد من الانتهاكات والجرائم، حيث سبقت تصريحاته بشأن “أبو جهاد” مثيلتها التي تباهي فيها بأنه “أكثر من قتل الفلسطينيين والعرب”.

وأعلن وزير الدفاع ورئيس الأركان السابق في تصريحات استفزازية له يوم 27 نوفمبر الماضي، أنه لا يوجد في الكنيست أحد قتل من الفلسطينيين والعرب أكثر منه، ونقلت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن يعالون حينها قوله: إنه “لا يوجد في الكنيست من رأى جنود العدو ومخربين أكثر مني، واضطر لقتلهم”، مضيفًا “أن تقتل فهذه ضرورة”.

موشي يعالون قاتل أبو جهاد

 

وبعيدًا عن اعترافات يعالون، فإنه أيضًا مُلاحق منذ عام 2007 مع أكثر من سبعة آخرين في القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلي بتهمة ارتكاب جرائم حرب على خلفية اغتيال قائد كتائب عز الدين القسام، صلاح شحادة، عام 2002، حيث كان يشغل حينها منصب رئيس أركان الجيش، وقتل وقتها ما يقرب من 14 فلسطينيًا بينهم أطفال ونساء، كما أنه المسؤول الأول عن إعدام أكثر من 213 في الهبة الفلسطينية عام 2015 بوحشية ودون مبررات، والمسؤول أيضًا عن الحرب الإرهابية التدميرية التي شنتها إسرائيل ضد قطاع غزة في عامي 2004 و2014، وأوقعت آلاف الفلسطينيين بين قتيل وجريح، كما شهدت فترته عدة عمليات اغتيال نُسب تنفيذها إلى إسرائيل، منها مقتل القياديين العسكريين في حزب الله، سمير القنطار وجهاد مغنية.

يعالون سبق أن ألغى زيارة إلى بريطانيا في عام 2009، خوفًا من اعتقاله كمجرم حرب هناك، بعدما نصحه مستشارون قضائيون بتجنب زيارة بريطانيا، حيث كان من المقرر أن يشارك في حفل جمع تبرعات لمصلحة “الصندوق القومي اليهودي”، بعدما قدمت منظمات مؤيدة للفلسطينيين في بريطانيا في ذلك الوقت طلبًا لاعتقال وزير الدفاع الأسبق، ايهود باراك، خلال زيارته إلى لندن بتهمة ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في عام 2008، ما دفع يعالون إلى تجنب زيارة بريطانيا خوفًا من ملاقاة مصير سلفه.

في كتابة “طريق طويل قصير”، الذي صدر عام 2008، يقول موشي يعالون إن الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة في 2005، تسبب في صعود حماس إلى السلطة، ورغم أن الرجل يؤكد أن “حياة البشر فوق اعتبار الأرض”، إلا أنه يستدل بصعود حماس للسلطة بعد الانسحاب، بأن كل انسحاب يولد موجة من الإرهاب، لذلك فإنه يتعين على إسرائيل عدم القيام بأي انسحاب، مشيرًا إلى أن هذا هو الطريق إلى السلام، بحسب رأيه.

لا يرى يعالون في المستوطنات شرًا، ولا سببًا للقيام بعمليات مقاومة في فلسطين، بل يرى السبب الرئيسي لما يصفه بـ”الإرهاب” هو التربية الفلسطينية في عهد الزعيم الراحل ياسر عرفات بعد التوقيع على اتفاقيات السلام “حيث كانوا الفلسطينيون يعلمون في المدارس الفلسطينية بأن إسرائيل هي كلها للعرب، ولا مكان للشعب اليهودي ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط”، على حد قوله.

موقف يعالون من الشعب الفلسطيني

 

وفي إطار دعايته الانتخابية، اتهم يعالون الذي “يتهمه” نتنياهو بأنه حمامة سلام، الأخير بالتساهل أمام حركة حماس في قطاع غزة، وبأنه كان من الأجدر مهاجمة الحركة في قلب القطاع، واقتحام غزة والقيام بعملية عسكرية واسعة لاستئصال المقاومة.

موقف يعالون من حماس، موجه في الأساس ضد الشعب الفلسطيني، وليس ضد حماس كحركة. في مؤتمر القدس الذي عقد في فبراير 2010 قال يعالون: “يجب تبني توجه لبناء الأسس للسلطة الفلسطينية من الأسفل إلى الأعلى، بحيث تتغير الرسالة التربوية إلى رسالة تدعم السلام وتعارض التحريض والإرهاب والكراهية وإذا لم يتحقق ذلك بالكامل، فقد يتحول أي اتفاق سلام إلى مجرد هدنة مؤقتة تستغل من قبل الجماعات الإرهابية للتزود بالسلاح واستعماله ضدنا في الجولة التالية” فالنزاع في البلاد هو جزء من حرب ثقافات تدور في الشرق الأوسط ما بين الثقافة الغربية التي تقدس الحياة، وبين الإسلام الجهادي الذي يقدس الموت”.

ولد موشي في 24 يونيو 1950، ولد يعلون في كريات حاييم واسمه موشي سمولينسكي، والده دافيد من مواليد أوكرانيا، عمل في مصنع “شِمن” ، وأمه باتيا زيلبر إحدى الناجيات من كارثة المحرقة ومن مواليد غليتسيا.

منذ أن كان طفلًا، ظهرت عليه مظاهر التطرف والتوحش، ففي العاشرة من عمره، كان يصطاد القطط والكلاب الصغيرة، ثم يحطم رؤوسها بحجر كبير، وبعدها يمكث وقتًا طويلًا يتلذذ بدهسها بنعاله، قائلاً لرفاقه: “هكذا يجب أن نفعل بالعرب”، ومن كثرة ما شوهد يدوس على القطط والكلاب، أطلق عليه أهل الحي “بوجي” بالعبرية؛ أي “جسم الدبابة”.

يعالون هو الابن الثاني في عائلة مكونة من ثلاثة أبناء، وقد حصل على كنيته “بوجي” في سن العاشرة من قبل أولاد الجيران الذي واجهوا صعوبة في مناداته “موشيك”،  تميز بالتفوق العلمى في فترة الثانوية كما كان يعزف على الكلارنيت وكان عضواً في الفرقة الموسيقية للشبيبة في حيفا.

شغل منصب وزير الحرب الأسبق في الحكومة الإسرائيلية، وعضو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، وعضو كنيست من كتلة “حزب الليكود” وشغل في السابق منصب نائب رئيس الحكومة، ووزيرا للشؤون الاستراتيجية، وكذلك رئيس هيئة الأركان العامة ال17 لجيش الدفاع الإسرائيلي.

يعلون متزوج من عيدا وهو أب لثلاثة أطفال، ويحمل درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة حيفا أنضم يعلون في عام 1968 لجيش الدفاع الإسرائيلي في إطار فرقة “غرعين هناحال”، وتطوع لفرقة المظليين في كتيبة مظليي “هناحال”. ومن خلال خدمته هناك خضع لدورة تدريب وتأهيل ليصبح مقاتلاً، وكان قائد فصيلة متفوق في كتيبة مظليي “هناحال” وأنهى خدمته العسكرية النظامية برتبة ملازم أول في عام1971

موشي يعالون
موشي يعالون

موشي يعالون على الجبهة المصرية

 

ومع اندلاع حرب أكتوبر 1973، انضم يعلون لخدمة الاحتياط في فرقة المظليين رقم 55، التي كانت تحت قيادة “داني مط”. والتي شاركت في الحرب على الجبهة المصرية .

وفي أعقاب الحرب عاد يعلون للخدمة الدائمة وأنهى بامتياز دورة ضباط ومع نهاية الدورة عاد ليتولى مناصب قيادية في الفرقة 50، وشغل منصب قائد قسم في ظل قيادة رئيس الكتيبة يتسحاك ايتان.

وفي أبريل 1982 عاد للعمل في الوحدة الخاصة بالأركان العامة، ومع اندلاع حرب لبنان عين نائباً ثانٍ شاي أفيتال ثم عمل قائد كتيبة، وهي الكتيبة 890 في المظليين، وفي  مايو 1985 أصيب خلال مطاردة قادها خلف عناصر من المجاهدين في لبنان وبعد أن تماثل للشفاء خرج لاستكمال دراساته العليا في كلية القيادة في كمبرلي في انجلترا، وبعد عودته عين يعلون في منصب قائد الفرقة الخاصة لهيئة الأركان.

في نهاية فترة خدمته في الفرقة حصل على اللقب الأول في العلوم السياسية من جامعة حيفا واجتاز دورة تدريبية خاصة بالمدرعات في عام 1990 أصبح قائد كتيبة المظليين، وبعد عامين عين قائداً لمنطقة الضفة الغربية برتبة ميجر جنرال وفي عام 1993 عين قائداً لقسم تدريب وحدات المشاة في معسكر الجنود “تسيئليم” وقائد وحدة المدرعات في لواء الشمال.

وفي عام 1995 حصل على رتبة جنرال وشغل منصب رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش في عام 1998، شغل يعلون منصب قائد لواء المركز، وبعد عامين عُين في منصب نائب رئيس الأركان (عندما شغل شاؤول موفاز منصب رئيس الأركان)، ومع نهاية فترة موفاز عين يعلون في 9 يوليو رئيساً لأركان جيش الدفاع الإسرائيلي السابع عشر.

عين يعلون رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي يوليو 2002، وشغل هذا المنصب لمدة ثلاث سنوات وانتهت فترته في رئاسة الأركان في يونيو2005، وخلفه في منصبه نائبه، الجنرال دان حالوتس.

موشي يعالون
موشي يعالون

موشي يعالون نائبًا ووزيرًا

 

في عام 2006 أقام يعلون في واشنطن كزميل عسكري رفيع المستوى في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط ومنذ  عام 2006 حصل يعالون على لقب زميل رفيع المستوى في معهد أديلسون للدراسات الإستراتيجية في مركز “شلم”، وكان رئيس مركز الثقافة والهوية اليهودية في بيت مورشا في القدس، ورئيس جمعية “شكل”.

في 17 نوفمبر من العام 2008، قرر يعلون الانضمام إلى حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو والتنافس في الانتخابات الداخلية لقائمة الليكود للكنيست الثامنة عشرة وفي الانتخابات التمهيدية احتل يعلون المركز الثامن في قائمة الليكود للكنيست الثامنة عشرة ومع تولي حكومة نتنياهو الثانية للسلطة، تم تعيين يعلون لمنصب نائب رئيس الحكومة، ووزير الشؤون الإستراتيجية وعضو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية.

وخلال عملية اعتراض السفن المتوجهة إلى غزة  مايو 2010 كان يعلون نائب رئيس الحكومة، وبسبب غياب نتنياهو عن البلاد، دافع عن القرار بوقف أسطول السفن وعن قرار إطلاق النار على السفن المتوجهة إلى قطاع غزة، لكنه أضاف قائلاً: “في المكان الذي توزع فيه أوسمة القتال، يجب أيضاً فحص سير القتال” و عندما عرضت الحكومة الاتفاق لإطلاق سراح جلعاد شاليط للتصويت، صوت الوزير يعلون ضد الصفقة.

عُيّن يعلون وزيرا للدفاع، ضمن تركيب الحكومة عقب الانتخابات للكنيست (البرلمان) ال19، خلفا للوزير ورئيس هيئة الأركان العامة في السابق، إيهود باراك، وفي 20 مايو 2016 قدمَ يعلون استقالته من منصب وزير الجيش الإسرائيلي.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق