الصهيونية

اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة: أهم منظماته وآليات عمله وتأثيره

اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة

 

اللوبي، هو جماعة ضغط، وتنتظم داخله عدد من الجمعيات والتنظيمات التي تعمل لخدمة مصالح محددة، واللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة، يتعدى كونه لوبيًا يهوديًا، إلى لوبي صهيوني، لانتظام هيئات بداخلة، ليست فقط يهودية، وإنما أيضًا هيئات مسيحية صهيونية، قد تكون أشد تأثيرًا وتأييدًا لإسرائيل، خاصة أن الولايات المتحدة عرفت اللوبي المسيحي الصهيوني قبل معرفة اللوبي اليهودي الصهيوني.

ويستمد اللوبي الصهيوني نفوذه في الولايات المتحدة من عدة مصادر، أولها القوة المالية والاقتصادية لليهود، حيث يؤثر المستوى الاقتصادي على مدى النفوذ السياسي الذي تتمتع به الجماعات والقوى الاجتماعية في أي مجتمع، وفي هذا الإطار تتمتع الجماعات اليهودية بوضع متميز سياسيًا نظرًا لما تتمتع به من قوة مالية واقتصادية في المجتمع الأمريكي بالمقارنة بالجماعات والأقليات الأخرى.

اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة

 

إضافة إلى ذلك، فإن اليهود الصهاينة يكتسبون أهمية كبرى في العمليات الانتخابية الأمريكية وخاصة انتخابات الرئاسة لدرجة تفوق بكثير نسبتهم العددية، أيضًا يعد الإعلام من مصادر نفوذ اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، حيث يشغل اليهود مواقع هامة في مراكز البحث العلمي ويسيطرون على مصادر الدعاية والإعلام وكذلك مراكز الأبحاث في الجامعات والأحزاب، سواء عبر الامتلاك المباشر أو عبر الكتاب الصهيونيين، أو باستخدام وسائل الضغط مثل الإعلانات.

وتنتظم داخل اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة عدد من المنظمات اليهودية الصهيونية، على رأسها اللجنة الإسرائيلية- الأمريكية للشؤون العامة، المؤتمر اليهودي الأمريكي، بناي بريث، الصندوق القومي اليهودي، الاتحاد الصهيوني للعمال، والقسم الأمريكي بالمنظمة الصهيونية العالمية.

منظمة أيباك

وتعد اللجنة الإسرائيلية- الأمريكية للشؤون لعامة، التي تعرف اختصارًا باسم «أيباك»، وتأسست اللجنة عام 1945، وهي منظمة أمريكية يهودية الهدف منها التأثير في السياسة الأمريكية بحيث تتفق مع المصالح الإسرائيلية والصهيونية. وتقوم اللجنة بالدعاية لإسرائيل في المجتمع الأمريكي باسم اليهود الأمريكيين، وتعتبر أقوى جماعات الضغط في الولايات المتحدة.

وقد سجلت أيباك رسميًا في الكونجرس الأمريكي بحسب قوانين جماعات الضغط الأمريكية، تلك الجماعات التي يصرح لها بعرض وجهة نظرها أمام الكنجرس ولجانه رسميًا. وتعمل اللجنة على إقناع أعضاء الكونجرس بأهمية إسرائيل للولايات المتحدة، وجدوى التحالف معها، ومقدرة إسرائيل على خدمة المصالح الأمريكية.

وتقدم أيباك تقريرًا لكل عضو في الكونجرس عن المواضيع التي تهم إسرائيل، وتؤكد ذلك بواسطة المكالمات الهاتفية والزيارات الشخصية. وتركز على الأعضاء المنتمين إلى لجان الكونجرس الرئيسية الخاصة بالمساعدات الخارجية أو السياسية  للدول. وتعقد أيباك مؤتمرات سنوية وتدعو كبار الشخصيات، وتعرض في المؤتمر مواقفها السياسية وأولوياتها، وعملت أيباك على توسيع دائرة اهتماماتها فاهتمت بالطلبة والكنائس ولدى الأقليات لجمع التأييد لإسرائيل، وحتى في الجامعات أعدت الحلقات الدراسية لمواجهة المناهضين لإسرائيل، كما انشأت برنامج التقارب المسيحي- اليهودي.

 

آليات عمل اللوبي الصهيوني

ويأتي توجه إسرائيل للولايات المتحدة، وهذا النشاط الكبير للوبي الصهيوني فيها تماشيًا مع الاستراتيجية الصهيونية التي ترى إن نجاح المشروع الصهيوني يتوقف على دعم واحدة أو أكثر من الدول الكبرى.

«تعتمد الحركة الصهيونية في تحديد استراتيجية تحركها داخل الولايات المتحدة على تحليل علمي لطبيعة المجتمع الأمريكي، ولقواه الاجتماعية المتعددة، وللفئة الحاكمة فيه.

وتتنوع آليات عمل اللوبي الصهيوني، بمنظماته اليهودية والمسيحية في الولايات المتحدة، ومن بين هذه الآليات التأثير على الكونجرس الأمريكي، من خلال الأعضاء الذين يدعمون حملاتهم الانتخابية أو يسيطرون عليهم فكريًا، إلى جانب التأثير على السلطة التنفيذية من خلال لعب دور فاعل في الانتخابات الأمريكية، وانتخابات الرئاسة، وتمويل حملات المرشحين وتنظيم حملات التبرع.

أيضًا يستغل اللوبي الصهيوني سيطرته على وسائل الإعلام والكتاب والمحللين ومراكز الدراسات، التي أسس عدد كبير منها، إضافة إلى تدريب أكاديمين شباب موالين لإسرائيل، ومراقبة الأكاديميين الأمريكيين المعادين لإسرائيل، وتقديم تقارير ضدهم، واتهامهم بمعاداة السامية.

طرق عمل اللوبي الصهيوني

ويعتمد اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة على طريقتين للعمل، مباشرة وغير مباشرة، أما الأولى فتتم عن طريق وجود يهود في مناصب سياسية يمكن التأثير من خلالها على صنع السياسة سواء في الإدارة أو بالحصول على عضوية الكونجرس أو مناصب حكام الولايات.

فـ«منذ بداية الستينيات بدأت الحركة اليهودية تخطط لتولي رجالها مناصب مرموقة في الإدارة الأمريكية. ونجح كثير منهم بالفعل في الحصول على مناصب رئيسية بارزة ولقد ساعدتهم هذه الوظائف في إعطائهم الفرصة لدعم إسرائيل.

ولم يكن موقف اليهود بالنسبة لعضوية الكونجرس يختلف كثيرًا عن موقفهم بالنسبة للحصول على مناصب رئيسية في الحكومة الأمريكية. وواصلت الحركة اليهودية في إيصال أكبر عدد من اليهود للكونجرس ودعم أصدقاء إسرائيل للبقاء فيه.

كما يعمل اللوبي الصهيوني بشكل غير مباشر بهدف التأثير على مراكز صنع القرار السياسي في الولايات المتحدة سواء في الإدارة الأمريكية وفروعها أو في الكونجرس بمجلسيه، والتأثير على الرأي العام واستخدامه كقوة ضغط على صانعي القرار السياسي بما يحقق الأهداف والمصالح الإسرائيلية التي تسعى الحركة الصهيونية من أجلها.

ولم يتخلى اللوبي الصهيوني عن التعامل غير المباشر مع الإدارة الأمريكية حتى بعد لجوئه للتعامل المباشر، بل أن الاعتماد على التعامل غير المباشر في تزايد مستمر ويتلخص في:

  • استخدام الحملات الانتخابية كوسيلة من وسائل الضغط على المرشحين والحصول منهم على وعود بتبني وجهة النظر الصهيونية والعمل على دعم إسرائيل.
  • استخدام أعضاء اللوبي داخل الكونجرس لتأييد القضايا الإسرائيلية.
  • استخدام وسائل الإعلام لاجتذاب تأييد المسؤولين الأمريكيين لإسرائيل ولطرح القضايا الإسرائيلية جماهيريًا بصورة تلقى القبول الشعبي.

كيف ترى الولايات المتحدة إسرائيل

 

وترى الولايات المتحدة في إسرائيل أداة للمحافظة على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وترى الولايات المتحدة أيضًا في إسرائيل قوة غربية، وأسس طرح هذا التصور قائمة على أساس التشابه الحضاري بين إسرائيل والدول الغربية، و النموذج الديمقراطي الوحيد في المنطقة، وتعد «قوة غربية في منطقة الشرق الأوسط تنتمي حضاريًا إلى العالم الغربي بأنظمته وقيمه السياسية والاجتماعية.

واستخدم الصهاينة وأصدقاؤهم في الولايات المتحدة مصطلحات مراوغة، مثل مصطلح الإرهاب الذي يصور المقاومة باعتبارها مجرد إرهاب مجنون نتيجة شر متأصل في النفس العربية وكره مفطور فيها ليس له أساس قانوني أو أخلاقي، وهذا الشر والكره موجهان ضد اليهود الذين يودون أن يعيشوا في أمان وسلام. بل يتمادى الصهاينة بالقول إن الإرهاب العربي ضد المستوطنين استمرار لظاهرة معاداة اليهود واليهودية («معاداة السامية» في المصطلح الغربي)، وامتداد لكره الأغيار لليهود عبر التاريخ.

ومصطلح الإرهاب هو إفراز للتصور الصهيوني والأمريكي الذي يرى أن الوجود الصهيوني في فلسطين ليس احتلالًا وإنما وجود شرعي لابد للعرب من قبوله إن كانوا عقلانيين، أما إن قاوموه فهم يقومون بعمل إرهابي غير عقلاني غير مشروع.

أحمد بلال

صحفي مصري متخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، ورئيس تحرير موقع "إسرائيل الآن". عمل في عدة صحف مصرية وعربية، ويعمل حاليًا في صحيفة "المصري اليوم".

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق