إسرائيل من الداخلالاقتصاد الإسرائيلي

الاقتصاد الإسرائيلي : أهم 7 موارد استثنائية ضمنت لتل أبيب اقتصادًا مستقرًا

قوة الاقتصاد الإسرائيلي | كتب- أحمد بلال:

مرت الصناعة الإسرائيلية بسبع مراحل تطور، لعبت فيها الموارد الاستثنائية التي توفرت لإسرائيل دورًا كبيرًا، وترجع المرحلة الأولى إلى ما قبل قيام الدولة، وهي المرحلة التي شهدت هجرة أثرياء يهود وتدفق أموال ألمانية بموجب اتفاقية «هاعفاراه» في ثلاثينيات القرن العشرين، والتي كانت برنامجًا تصنيعيًا شاملًا.

وتمتد المرحلة الثانية حتى عام 1952، وخلال هذه الفترة تم ابتلاع الصناعة والموارد الفلسطينية في الأراضي التي احتلها إسرائيل وهجرت أصحابها منها، وشملت مصانع وأراض زراعية ومباني وغيرها. أما المرحلة الثالثة فامتدت حتى عام 1966، وهي الفترة التي تم فيها تنفيذ مشروع تصنيعي شامل موله برنامج التعويضات الألمانية، وهو المشروع الذي لم تعد إسرائيل بعده كما كانت عليه قبله.

قوة الاقتصاد الإسرائيلي

 

وامتدت المرحلة الرابعة حتى عام 1975، وهي فترة احتلال 67، والذي وفر لإسرائيل موارد كبيرة. وامتدت المرحلة الخامسة حتى عام 1980، وهي فترة عولمة الاقتصاد الإسرائيلي، مع فتح أسواق أوربا والولايات المتحدة للسلع الإسرائيلية.

وامتدت المرحلة السادسة حتى عام 1990، وهى فترة إعلان التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وانضمامها إلى مشروع حرب النجوم، الذي أدى إلى مضاعفة المساعدات الأمريكية لها وتمكينها من العصر الصناعي النووي.

وامتدت المرحلة السابعة إلى 2002، حيث انتقلت الصناعة الإسرائيلية من مرحلة الاعتماد على إنتاج الصناعات القائمة على المعرفة إلى صناعة إنتاج المعرفة، وذلك استجابة لثورة المعلوماتية من ناحية، ولمقتضيات هجرة اليهود السوفييت البالغة الأهمية كمًا ونوعًا من ناحية أخرى.

1- البداية المتقدمة للاقتصاد الإسرائيلي

 

بدأت التجربة الإسرائيلية عام 1948 من نقطة متقدمة ترجع إلى 30 عامًا قبل ذلك، سياسيًا واقتصاديًا، حيث تعود جذور الاقتصاد الإسرائيلي إلى مطلع الانتداب البريطاني، حيث برزت وتطورت قواعد الاقتصاد ومؤسساته، كذلك قواعد التنظيم الاجتماعي والسياسي والعسكري، والذين كان يتم إدارتهم من قبل الوكالة اليهودية حتى قيام الدولة الإسرائيلية التي تولت الإدارة. أيضًا لعبت الهجرة واتفاقية «هاعفاراه» والجباية اليهودية دورًا كبيرًا.

2- «التعويضات» الألمانية

 

نجحت الحركة الصهيونية، ثم إسرائيل بعد تأسيسها في استغلال «الهولوكوست» بشكل كبير، ليس فقط في الحصول على دعم سياسي لإقامة دولة للصهاينة اليهود، وإنما أيضًا في الحصول على دعم مالي ألماني يُعرف بـ«التعويضات»، على أنه «تعويض» من الحكومة الألمانية لإسرائيل، التي أصبحت تقدم نفسها، من خلال حكومتها، على أنها الممثل الشرعي والوحيد، ليس فقط لكل يهود العالم، وإنما لكل ضحايا الجرائم النازية التي وقعت كلها قبل قيام إسرائيل نفسها.

للمزيد: كيف أثرت التعويضات الألمانية على الاقتصاد الإسرائيلي : عقدة الذنب تبيض ذهبًا

 

3- المساعدات الأمريكية

 

تعد الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الأكبر والأول لإسرائيل، ليس فقط من الناحية السياسية، وإنما أيضًا من الناحية الاقتصادية. حتى أن الدكتور عبد الوهاب المسيري، يصفها في موسوعته «اليهود واليهودية والصهيونية» بأنها «الراعي الإمبريالي» بامتياز لإسرائيل.

للمزيد: تأثير المساعدات الأمريكية على الاقتصاد الإسرائيلي : الراعي الإمبريالي الرسمي

 

4- الجباية اليهودية

حتى من قبل نشأتها لعبت الحركة الصهيونية، والوكالة اليهودية تحديدًا، دورًا كبيرًا في إقامة إسرائيل، ثم لعبت دورًا مماثلًا بعد ذلك في الحفاظ على بقاء هذه الدولة، من خلال جمع الأموال من الصهاينة اليهود في أنحاء العالم لتقديم الأموال لإسرائيل كتبرعات تساعد اقتصادها.

وقد برهن «رأس المال اليهودي» على أنه احتياطي استراتيجي بالغ الأهمية بالنسبة إلى إسرائيل، سواء لناحية تعويضه نقص تدفق الأموال الأمريكية على إسرائيل أو لناحية قدرته على توفير مليارات الدولارات لإسرائيل حين تكون تحت حاجة ماسة.

للمزيد: تأثير الجباية اليهودية على الاقتصاد الإسرائيلي : مال سياسي يبني دولة

 

5- الهجرة الصهيونية

 

لعبت الهجرة إلى إسرائيل دورًا كبيرًا في مسار اقتصادها وفي قيامها عام 1948، واستمرارها بعد ذلك، ولعبت بريطانيا على فلسطين دورًا كبيرًا في هذه الهجرة، حيث تضاعف عدد اليهود في فلسطين أثناء انتدابها 12 مرة.

وتعتبر إسرائيل إحدى أهم دول العالم المستوعبة للهجرات في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وتقدر الهجرات إلى إسرائيل منذ قيام الدولة وحتى نهاية 2009 بحوالي 3058655 مهاجر، حوالي ثلثهم من مواليد آسيا وأفريقيا، والثلثين من مواليد أوربا وأمريكا. وأكثر من نصف مواليد أوربا وأمريكا كانوا من مواليد الاتحاد السوفيتي السابق.

للمزيد: كيف أثرت الهجرة الصهيونية على الاقتصاد الإسرائيلي: بدأ من حيث انتهوا

 

6- الدينامية الشاملة لنتائج حرب 67

 

مثلت حرب 67 حدثًا تاريخيًا أكبر من الشأن الاقتصادي، إلا إنها أيضًا مثلت حدثًا اقتصاديًا استثنائيًا، وحلًا استثنائيًا أخرج إسرائيل من أزمة اقتصادية كبيرة عاشتها منذ مطلع عام 1966، حيث ساهمت في إيجاد أسواق جديدة، وحل لمشكلة البطالة التي كانت متفاقمة.

أدت هذه الحرب إلى توسيع السوق الإسرائيلية وامتدادها إلى المناطق التي تم احتلالها، التي كان يقيم فيها عدد سكان يمثل حوالي 36% من المقيمين في إسرائيل، وهو ما كان يمثل حدثًا استثنائيًا، أتى ليمثل حلًا لأزمة استثنائية واجهتها إسرائيل.

وساهم هذا التوسع في حل لأزمة فيض الإنتاج الذي عانت منها إسرائيل، ومثل سوق المناطق المحتلة أكبر سوق للصادرات الإسرائيلية بعد الولايات المتحدة، وبلغ فائض الميزان التجاري بين إسرائيل والمناطق المحتلة، في الفترة بين 1968: 1985 أكثر من 4 مليارات دولار، وفي الفترة ما بين 1968: 2000 أكثر من 17 مليار دولار.

في 1966 شهدت إسرائيل أزمة بطالة هي الأكبر في تاريخها، حتى جاءت حرب 67، وساهمت في جعل إسرائيل تستوعب أعداد متزايدة من قوة العمل من الأراضي المحتلة، وتدرج العدد من 9 آلاف سنة 1969، إلى 116 ألف عام 1992، وساهمت الأيدي العاملة العربية القادمة من المناطق المحتلة في عمل نوع من التوازن في إسرائيل، حيث كانت نسبة البطالة في إسرائيل تتركز بين صفوف الفنيين والأكاديميين والمهندسين الذين قدموا في موجات الهجرة.

عزز انتصار 67 من الثقة السياسية في إسرائيل، اقتصاديًا وسياسيًا، داخليًا وخارجيًا، وقد كان للوضع الجديد مترتباته، بدءًا من مخططات إسرائيل وطموحاتها، مرورًا بالهجرة، وانتهاء بالرساميل المتدفقة. ونشأت في هذه الفترة فكرة إسرائيل الدولة الإقليمية العظمى.

 

7- الشراكة الأوربية

 

منذ البداية سعت إسرائيل إلى الارتباط بأوربا كمجموعة افتصادية، وذلك من خلال اتفاقية السوق الأوربية المشتركة، عام 1975، والتي كانت مهمة لإسرائيل بسبب عودة شبح الأزمة الاقتصادية مرة أخرى، وأيضًا بسبب الحجم الذي يمثله السوق، خاصة بعد انضمام بريطانيا إليه عام 1973.

وتصاعدت علاقات إسرائيل مع السوق المشتركة عبر أربع محطات رئيسية، الأولى: اتفاقية عام 1964، وتمنح بعض الصادرات الإسرائيلية أفضلية بنسبة 20% كنسبة تخفيض على التعريفة الجمركية. اتفاقية عام 1970، وتمنح تخفيضًا جمركيًا بنسبة 50% على السلع المصنعة في إسرائيل. اتفاقية 1973: للاستمرار بالعمل بالتعريفة الجمركية. اتفاقية 1975، ونصت على قيام السوق المشتركة بإعفاء صادرات إسرائيل الصناعية، وفي عام 1977 تُرفع الجمارك نهائيًا. وتُخفض الرسوم الجمركية على السلع الغذائية بنسبة 80%.

في المقابل تلتزم إسرائيل بتخفيض الرسوم الجمركية على الواردات الصناعية من السوق المشتركة شرط أن يكون الخفض تدريجيًا، وأن لا تنافس هذه المنتجات المنتجات الإسرائيلية. وبدأ خفض الرسوم على الفئة الثانية من السلع الصناعية عام 77 على أن ترفع الجمارك نهائيًا عنها عام 1985، واحتفظت إسرائيل بحق إبقاء رسوم جمركية على بعض أنواع السلع المستوردة للحفاظ على صناعتها المحلية، على أن يستمر ذلك حتى عام 1989.

كما نصت الاتفاقية على تغطية مجالات التعاون التكنولوجي، وتضمنت الاتفاقية نصًا حول تبادل المعرفة، ومشاركة إسرائيل في النشاطات العلمية في دول السوق المشتركة.

وقد منحت هذه الاتفاقية عدة مميزات لإسرائيل تتمثل في فتح أسواق المجموعة الأوربية أمام السلع الإسرائيلية، حيث زادت الصادرات الإسرائيلية للسوق في الفترة من 1974: 1985 إلى 174%، فيما ارتفعت الواردات بنسبة 83%.

أيضًا وفرت السوق المشتركة للسلع الإسرائيلية نفس التقنية التي تحصل عليها السلع المنافسة. وكان للاتفاق نتائج فورية يمكن الاستدلال عليها من خلال براءات الاختراع التي حصلت عليها إسرائيل من الخارج، حيث حصلت عام 1977 على 1863.

الوسوم

أحمد بلال

صحفي مصري متخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، ورئيس تحرير موقع "إسرائيل الآن". عمل في عدة صحف مصرية وعربية، ويعمل حاليًا في صحيفة "المصري اليوم".

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق