إسرائيل من الداخلالفن والثقافة

حنان أبو الضياء تكتب عن فيلم Operation Finale و”سينما الموساد” في هوليود

فيلم Operation Finale | إسرائيل الآن | حنان أبو الضياء*:

بعيدا عن التغنى بسيطرة اللوبى الصهيونى على السينما فى أمريكا وقدرتهم الخارقة على خلق أعمال عن بطولات وهمية ؛إلا ان فيلم السيرة الذاتية والتاريخ Operation Finale ، أثار انتباهى بشدة وحظى على قدر كبير من التباين فى رأيي بين الإعجاب بعناصره الفنية والرفض للكثير من المغالطات والحقائق به.

ومع ذلك يبدو أن نتفليكس (Netflix) قادرة على اختيار الأعمال التى تحدث ضجة سياسية ؛ولما لا و فيلم Operation Finale يتناول أحداثا مثيرة عن المحرقة وما حدث لليهود على يد هيتلر وأعوانه؛ لينضم الى قائمة الأفلام التي أصبح يطلق عليها “سينما الموساد“.

خاصة أن المخرج كريس ويتز اختار ممثل بعبقرية بن كينجسلى لبطولة الفيلم مع أوسكار إسحاق؛ ليئور راز؛ ميلاني لوران؛ نيك كرول، هايلي لو ريتشاردسون ، وسيناريو ماثيو أورتون. مستعرضا بقدركبير من الحرفية التى لم تخف قدر المبالغة فى استعراض جهود ضباط المخابرات الإسرائيلية في عملية خطف و تهريب ضابط إس إس أدولف ايخمان في عام 1960. معتمدا على عدة مصادر منها مذكرات الضابط الإسرائيلي بيتر مالكين “ايخمان في يدي”.

وترجع أهمية فيلم Operation Finale الى أنه يتناول حياة “أودلف آيخمان” أحد قادة ومسؤولي الرايخ الثالث، رئيس جهاز البوليس السري الألماني “الجيستابو”، والذى كان المسؤول عن تهجير اليهود من ألمانيا، تم القبض عليه من قبل الموساد الإسرائيلي في عام 1960 وحكم عليه بالشنق في عام 1962م، وتم إحراق جثته والتخلص من رفاته في البحر الأبيض المتوسط.

اقرأ أيضًا: كيف أثرت التعويضات الألمانية على الاقتصاد الإسرائيلي : عقدة الذنب تبيض ذهبًا

فيلم Operation Finale

 

ومن المعروف أن “أودلف آيخمان” استطاع عن طريق أحد معارفه الانضمام إلى الحزب النازي بالنمسا. واستطاع ترحيل أكثر من 1.5 مليون يهودي من أوروبا إلى مراكز النزاع والحرب في بولندا المحتلة والاتحاد السوفيتي المحتل وترجع كراهية الصهاينة رغم أنه عمل على تهجير اليهود من ألمانيا الى فلسطين إلا أنه بعد ذهابه إلى فلسطين لدراسة عملية الترحيل كتب تقريراً يعارض عملية تهجير اليهود بشكل جماعي إلى فلسطين مؤكدا أن فكرة إنشاء دولة يهودية تتعارض تمامًا مع الفكر النازي.

عام 1941م أيقن آيخمان ان فكرة التهجير أصبحت غير مناسبة وأصبحت فكرة الإبادة الحل المطروح على الساحة أمام القادة من العسكريين.بعد سقوط ألمانيا في أيدي الحلفاء وانتحار هتلر ومجموعة من قادته قرر آيخمان الهروب والتخفي واستطاع التنقل من دولة لأخرى تحت أسماء عديدة حتى استقر أخيراً في الأرجنتين منتحلاً شخصية واسم جديد “ريكاردو كليمانت”.

العجيب أن فيلم Operation Finale تضمن مشهدا يشرح فيه رئيس الموساد هاريل أن الحاضر أهم من الماضى وأنه غير مهتم بالقبض عليه لأن لديه أولويات قصوى ومنها “مصر”، ومع ذلك استطاع فريتز باور، يهودي ألماني (تلقى معلوماته عن آيخمان من لوثار هيرمان، وهو يهودي ألماني أعمى عاش في الأرجنتين مع ابنته سيلفيا) أقنعه عن طريق أحد مساعديه بضرورة القبض عليه؛ وخاصة مع دعم رئيس الوزراء دافيد بن جوريون لفريق الموساد برسالة قبل أن يغادر العملاء إسرائيل إلى الأرجنتين.

وبالطبع يرسل عملاء الموساد سيلفيا إلى منزل آيخمان رغم أنها تركت أبنه نيكولاس آيخمان فى أحد الاحتفالات بعودة النازية مما سبب خلاف معه بحجة الاعتذار له ؛ لتكتشف أنه الرجل المطلوب.

اختطاف أودلف آيخمان

 

من أهم المشاهد في فيلم Operation Finale مشهد الاختطاف المطابق للأحداث الحقيقية وتم بعد نزول آيخمان من السيارة بعد عودته من عمله. وقام بتلك العملية بيتر مالكين الذى ارتدى قفازات مرددا :” إن فكرة وضع يده عارية على فم من أمر بموت الملايين، والشعور بنفثه ولعابه يصيبه بالأشمئزاز”.

فى البداية أصر آيخمان على أن اسمه ريكاردو كليمنت. ولكنه فى النهاية اعترف بهويته الحقيقية. وظل أعضاء فريق الموساد فى أنتظار وصول رحلة طيران خاصة من إسرائيل. مستخدمين ذريعة إرسال وفد رفيع المستوى لحضور الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين بعد المئة لاستقلال الأرجنتين لاصطحاب سجينهم خارج البلاد. (لذلك قدمت الأرجنتين أعتراض رسمى للأمم المتحدة متهمة أسرائيل بأنتهاك أراضيها).

استطاع ابن آيخمان مع بعض الفاشيين المحليين بعد تعذيب “سيلفيا معرفة مكان والده، ليبدأ فيلم Operation Finale فى خلق مطاردة تضمنت بطولات وهمية لتهريب أيخمان الى أسرائيل؛ لذلك قاموا بتخديره والبسوه ملابس أحد أفراد شركة ال عال للطيران. وفى أسرائيل بدأت محاكمته.

فى الواقع أن المخرج (كريس ويتز) المنتج و كاتب سيناريو الأمريكي المعروف بأعماله مع أخيه (بول ويتز) في كوميديا (American Pie) و ( About a Boy)، (A Star Wars Story) مع توني جيلروي. حاول خلق مطاردة بين الفريقين وأستطاع بتدفق الحداث جعل المشاهد مشدود ؛بل ومتعاطف مع فريق الموساد ومن هنا يكمن الخطر واستطاع إظهار أوسكار إسحاق بشكل يغلب عليه الأنسانية.

مشهد من فيلم Operation Finale
مشهد من فيلم Operation Finale

أوسكار إسحاق

 

خاصة أن أوسكار من الممثلين الجيدين وشارك من قبل فى فيلم قصة المهد Natirity Story عام 2006 حيث لعب فيه دور يوسف. حصل قبله على دور صغير في فيلم “All about The Benjamins”وذلك عام 2002 .وكانت أيضًا له أدوار في كلٍ من The life before her eyes عام 2007 و Boy of life عام 2008 جنبًا إلى جنب مع الممثلين ليوناردو دي كابريو وراسل كرو، و فيلم Agora عام 2009 ، والفيلم الاسترالي Balibo عام 2009 ولعب فيه دور خوسيه راموس هورتا ، الرئيس السابق لتيمور الشرقية، وفاز أوسكار بجائزة المعهد السينمائي الأسترالي كأفضل ممئل عن دوره هذا.

وتألق أوسكار بدوره في Goen Brother الفيلم الموسيقي الشعبي الكوميدي، وحصل عنه على الترشيح لجائزة Golden Globe العالمية. وفي نفس العام لعب دور البطولة في الفيلم الكوميدي الدرامي Inside Liewyn Davis، حتى أن أدائه رشّحه لجائزة الجولدن جلوب لأفضل ممثل رئيسي في فيلم موسيقي أو كوميدي. وقد شارك في المسلسل القصير Show me a hero عام 2015 بدور السياسي نيك واسيسكو، حيث فاز عن أدائه هذا بجائزة Golden Globe كأفضل ممثل في مسلسل تلفزيوني قصير أو فيلم تلفزيوني.

السير بن كينجسلي وجو آلون

 

أما النجم البريطاني السير بن كينجسلي صاحب أكثر من 50 فيلماً على مدى أكثر من 40 عاماً مجسدا فيها دور العربي والإيراني والأميركي والتركي والهندي والبريطاني والألمانيح؛ والمسلم والمسيحي واليهودي؛ والحاصل على جائزة الأوسكار 1982 عن دوره في فيلم غاندي كما حصل بنفس الدور على جائزة الجولدن جلوب 1983؛ وحصل على لقب “سير” الذي منحته إياه الحكومة البريطانية فلقد كان أدائه لشخصية “ادولف أيخمان ” سببا فى نجاح الفيلم فلديه قدرة فائقة على المزج بين أحساسه بشموخه كنازى وقائد عسكرى وخوفه الذى يصل الى حد الجبن وهو بين يد الموساد.

ومن الممثليين الجيدين بالفيلم جو ألون الممثل البريطاني الصاعد أبن مخرج الأفلام الوثائقية ريتشارد ألوين. ولعبت باقتداردور الطبيبة التى تعمل بالموساد وقامت بتخدير “أيخمان” الفرنسية ميلاني لوران ؛وهي ممثلة، مخرجة وكاتبة ؛واكتسبت شهرتها عالمياً من خلال دورها في فيلم أوغاد مجهولون عام 2009.

المثير للدهشة أن الإسرائيلين لديهم شغف بكل شئ عن آيخمان لذلك قاموا في العام 2010، بإنتاج فيلم “الشنّاق” عن قصة شالوم نجار، السجّان الإسرائيلي الذي نفّذ حكم الإعدام شنقاً فى أدولف آيخمان، رغم أن السجّان، يهودي من أصولٍ يمنية. مما يلقي الكثير من الضوء على علاقة اليهود الشرقيين بالهولوكوست وذكراها في إسرائيل. بل أنهم دائما مايذكرون أن آيخمان أصر على توجيه خطاب عام لليهود قبل وفاته الذي أوضح من خلاله ندمه الشديد على تهريب جزء كبير من اليهود من المحرقة النازية واصفاً إياهم بالكلاب وأنه سوف يأتيهم هتلر عربي يبيدهم ويلحق بهم الهزيمة، ووعدهم بالمصير والنهاية المؤلمة وهذا بالطبع وسيلة صهيونية لأظهار كونهم ضحايا حتى الأن.

الوسوم

حنان أبو الضياء

كاتبة وصحفية مصرية متخصصة في السينما العالمية، صدر لها العديد من الكتب مثل أخطبوط اسمه الموساد، قطر تشتري العالم، وجواسيس الجيل الرابع، وتكتب في العديد من الصحف والمواقع المصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق