إسرائيل والعالم

إسرائيل و مصر : أهم محطات العلاقات المصرية – الإسرائيلية حتى عهد السيسي

العلاقات المصرية – الإسرائيلية | كتب- أحمد بلال:

منذ نشأة الحركة الصهيونية، ارتبط تاريخ مصر في الصراع العربي- الإسرائيلي بعدة عوامل، لعبت دورًا في تحديد مدى مركزية قضية فلسطين في السياسة المصرية، ومن ثم تنوع سياساتها عبر فترات الحكم المختلفة من الصراع أو التهدئة أو التعاون مع إسرائيل.

العلاقات المصرية – الإسرائيلية قبل ثورة يوليو

 

تأثرت الحركة الوطنية المصرية في هذه المرحلة من القضية الفلسطينية ومن إسرائيل بظروف مصر الداخلية، حيث عمل الاستعمار على عزل مصر عن محيطها العربي، وعن هذه القضية تحديدًا، ما أدى إلى انكفاء القوى الوطنية على أولويات العمل الوطني (الجلاء والوحدة مع السودان)، فيما جاء الاهتمام بالقضية الفلسطينية في مرحلة لاحقة.

إضافة إلى ما سبق، فقد تأخر الشعور القومي لدى المصريين في الظهور، مقارنة بما حدث في الشام، ويرجع ذلك إلى أن العلاقة بين مصر والخلافة الإسلامية كانت جزءًا من العمل الوطني بحثًا عن الاستقلال، على عكس ما كانت عليه في الشام، لذلك فإن التوجه الإسلامي في هذه القضية سبق التوجه القومي.

بدأ الاتجاه العربي في النمو في أعقاب الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، حيث تخطت مصر الرسمية والشعبية حدود إظهار التعاطف مع شعب فلسطين، وبدأت تتجه إلى تأييد الفلسطينيين في نضالهم. إلا أن الشعور بالقضية لدى المستوى الشعبي كان أقوى من الموقف الرسمي.

وأرادت الحكومة المصرية توثيق صلاتها بالعالم العربي، لدعم نفوذ الملك، فأتت بعبد الرحمن عزام، ومحمد علي علوبة، وصالح حرب رئيس الشبان المسلمين، وللجيش عزيز صدقي، وكلهم على صلات بحركات سياسية عربية. وكانت الثورة الفلسطينية الكبرى فرصة أيضًا لجماعة الإخوان المسلمين لممارسة العمل السياسي خارج مصر، والتوسع فيه داخل مصر، من خلال جمع التبرعات للجماعة على اعتبار أنها موجهة لدعم الشعب الفلسطيني.

ومع عرض القضية على مجلس الأمن في عام 1947، اندلعت الاضطرابات والمظاهرات والدعوة للعمل المسلح وعلى المستوى الرسمي قرر الملك انضمام الجيش المصري، الذي لم يكن مستعدًا، للجيوش العربية المشاركة في حرب 48، في محاولة لاسترداد بعض من سمعته التي انهارت في العامين السابقين، ولإيقاف الفوران الشعبي ضد حكوماته الأخيرة.

قد يهمك: العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية : أهم وسائل ومؤسسات اختراق القارة السمراء

العلاقات المصرية – الإسرائيلية بعد 1952

 

نقلت ثورة 23 يوليو موقف مصر العربي إلى وضع أكثر جذرية وحسم إزاء تبني القومية العربية، حتى أن مصر أصبحت هي القيادة لهذا التوجه القومي، الذي أكسبته مصر عبد الناصر مضمونه الاجتماعي والاقتصادي لصالح الشعوب العربية. ما جعل العلاقات المصرية – الإسرائيلية في أشد مراحلها توترًا.

كان عدد كبير من قادة الثورة ضباط شاركوا ضمن الجيش المصري الذي حارب في فلسطين عام 1948، بل أن منهم من حوصر هناك في الفلوجة، مثل جمال عبد الناصر، ولعب هذا الأمر دورًا في اكتشاف هؤلاء الضباط أبعاد العلاقة بين مصر والقضية العربية عامة، والفلسطينية خاصة.

وفرض التوجه العروبي على مصر مقاومة إسرائيل ومساندة كل حركات المقاومة لها، كما فرض عليها المواجهة مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة، لأن إسرائيل هي المرتكز الإسرائيلي له، ورأى هذا التوجه أن الدعوة الصهيونية تتضاد تمامًا مع الدعوة العربية، ليس فقط لاحتلال فلسطين، وأنما أيضًا تهديد الوجود القومي العربي.

وانتهت التجربة الناصرية بهزيمة عسكرية كبرى في حرب 1967، التي جعلت إسرائيل قوة رئيسية في السياسة الأمريكية تصل إلى حد التحالف الاستراتيجي معها، وكانت الحرب بداية انهيار الحركة القومية العربية، كما تسببت الهزيمة في القبول بالحل السياسي بكل ما يحمله من تنازلات.

 

العلاقات المصرية – الإسرائيلية في عهد السادات

 

ورث السادات وضعًا سياسيًا فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل يتسم بثلاث سمات:

  1. خلل جوهري في ميزان القوى بين العرب وإسرائيل.
  2. وضع اقتصادي مصري صعب حيث تم توجيه المقدران الوطنية للمجهود الحربي.
  3. تراجع المد القومي العربي خاصة في ظل سياساته المتجهة غربًا.

تغيرت توجهات مصر في عهد السادات عما كانت عليه في عهد ناصر، سواء في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، أو الانفتاح على الغرب، وأيضًا العلاقة مع إسرائيل، حيث أنهت مصر المواجهات العقائدية والعسكرية، وبدأت في سلك طريق المهادنة، الذي وصل إلى زيارة السادات للقدس، وهي الزيارة التي مثلت نقطة فارقة في العلاقات المصرية – الإسرائيلية وفي تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، حيث اتجهت نحو التهدئة وحل الصراع بالطرق السلمية، وبذلك تم إخراج مصر من دائرة الصراع.

عارض الاتفاق الناصريون واليساريون وأيده الحزب الحاكم وبعض المثقفين، وبدأ يدور جدل حول هوية مصر، فظهر تيار الأمة المصرية من جديد ويرى أن مصر فرعونية، فيما يدافع تيار آخر عن عروبة مصر، بينما تبنى تيار ثالث أن مصر إسلامية، وتسبب قرار السادات في اغتياله.

 

العلاقات المصرية – الإسرائيلية في عهد مبارك

 

لم يمهل الزمن السادات في نقل العلاقات المصرية – الإسرائيلية من المهادنة إلى التعاون، ولكن مبارك اتجه إلى نقلها إلى التعاون الوثيق من الناحيتين الأمنية والسياسية وإلى حد ما الاقتصادية، إلا أن التطبيع بشكل كامل لم يحدث، ومنح الإسرائيليون السلام وصف «سلام بارد».

وفي عهد مبارك أيضًا نشط الداعون إلى التطبيع، وتوثيق العلاقات المصرية – الإسرائيلية حيث تأسست جماعة كوبنهاجن، وهي مجموعة مصرية- إسرائيلية، بمشاركة عناصر أوربية وأفريقية، ودافعت عن السلام مع إسرائيل وضرورة التطبيع معها. كما تم تفعيل عدد من الاتفاقيات مثل الكويز، واتفاقية الغاز المصري، لكن في المقابل نشط التيار المناهض للتطبيع بشكل أكبر، وحال دون حدوث أي تطبيع شعبي.

العلاقات المصرية – الإسرائيلية في عهد السيسي

 

شهدت العلاقات المصرية – الإسرائيلية حادثًا فارقًا بعد ثورة 25 يناير 2011 في مصر، حيث اقتحم المتظاهرون مقر السفارة الصهيونية في قلب القاهرة، إلا أن تل أبيب فضلت الاحتفاظ بضبط النفس مع الجانب المصري بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ووسط حالة عدم الاستقرار التي شابت الساحة المصرية في السنوات التي تلت ذلك.

ومع صعود الإخوان المسلمين للسلطة في مصر، عمل محمد مرسي على طمأنة إسرائيل في أكثر من خطاب وإن لم يكن يذكرها بالاسم إلا أنه كان يؤكد باستمرار تمسكه بالسلام والاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر، في إشارة إلى اتفاقية كامب ديفيد، وفي هذه الأثناء استمرت العلاقات المصرية – الإسرائيلية ، على المستويين السياسي والأمني، دون أي توتر يذكر.

ومع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطة، استمرت العلاقات المصرية – الإسرائيلية في إطار تعاون أمني لم يخفه الرئيس المصري في أكثر من مناسبة، إلا أن تطورًا آخر أكثر أهمية ميز هذه الفترة، هو انتشار الجيش المصري في سيناء في إطار العملية الشاملة للحرب على الإرهاب، وهو انتشار تتخوف الأوساط الإسرائيلية منه، خاصة في ظل إنشاء منشآت عسكرية مصرية لا توحي بأي انسحاب قادم لهذه القوات، على عكس ما تنص عليه اتفاقية كامب ديفيد.

الوسوم

أحمد بلال

صحفي مصري متخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، ورئيس تحرير موقع "إسرائيل الآن". عمل في عدة صحف مصرية وعربية، ويعمل حاليًا في صحيفة "المصري اليوم".

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق