إسرائيل من الداخلالاقتصاد الإسرائيلي

أثر المعونات الاقتصادية الدولية على الاقتصاد الإسرائيلي

الموسوعة الإسرائيلية | كتب- أحمد بلال:

 

منذ نشأتها، حصلت الحركة الصهيونية على العون السياسي والاقتصادي، من الدول الأوربية، لإقامة دولة، في فلسطين، يصفها الدكتور عبد الوهاب المسيري بأنها «دولة وظيفية تجمع بعض يهود العالم وتقوم على خدمة المصالح الغربية في المنطقة»، ولذلك فقد بدأ التمويل والدعم الاقتصادي على المهاجرين الأوائل الذين هاجروا إلى فلسطين، حتى قبل قيام إسرائيل بسنوات.

والتمويل الخارجي جزء أساسي من تكوين الحركة الصهيونية، ويمكن القول بأن الأثرياء اليهود، ومن بعدهم الدول الغربية (التي احتضنت المشروع الصهيوني بعد أن تحوَّل من مجرد جمعيات وإرهاصات إلى منظمة عالمية)، لا ينظرون إلى المُستوطَن الصهيوني باعتباره استثماراً اقتصادياً، وإنما باعتباره استثماراً سياسياً له أهمية إستراتيجية قصوى. ولذا اتسمت تدفقات المعونات على الحركة الصهيونية وعلى الدولة الصهيونية بدرجة عالية من التسييس والارتباط بطبيعة المشروع الصهيوني.

و«المعونات الخارجية» مصطلح شامل لا يضم فقط المساعدات الإنمائية وإنما يضم أيضاً المعونة العسكرية والإنسانية التي تدفعها دولة (أو منظمة دولية) لدولة أخرى. وتلعب هذه المعونات دورًا مهمًا في الاقتصاد الإسرائيلي، سواء من حيث حجمها ودرجة اعتماد الاقتصاد الإسرائيلي عليها، أو من حيث درجة تسييسها وارتباطها بطبيعة المشروع الصهيوني.

وتمثل هذه المعونات أنبوب الأكسجين للاقتصاد الإسرائيلي، فالدولة الإسرائيلية في حالة حرب دائمة، والدفاع والأمن والقدرات العسكرية تلتهم جزء كبير من ميزانيتها، إضافة لكونها دولة استيطانية، وعملية بناء المستوطنات تتطلب ميزانيات ضخمة. وبناء المستوطنات، لا يخضع بالضرورة لمقاييس الجدوى الاقتصادية الصارمة، إنما يخضع لمتطلبات الاستيطان وهو ما يسبب إرهاقاً مالياً، لا تستطيع أن تتعافى منه إسرائيل سوى بالمعونات الاقتصادية.

وتزداد التبرعات لإسرائيل بشكل كبير في فترات الحروب التي تخوضها. ففي عام 1956، ارتفعت نسبة التبرعات إلى 203%، عن عام 55، وفي عام 67، ازدادت بنسبة 310% عن عام 66، وفي عام 73، ازدادت بنسبة 241% عن عام 72.(26) وفيما يلي أهم أشكال المعونات والدعم الذي تحصل عليه إسرائيل.[1]

وقد أصبحت إسرائيل نتيجة هذا الدعم المستمر «بلداً كل ما فيه مموَّل أو مُدعَم من الخارج»، كما يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري، في موسوعة «اليهود واليهودية والصهيونية»، ويضيف أن المعونات تشمل حتى: «حمام السباحة في النادي، معمل قسم الطفيليات في الجامعة، مشروعات إعانة الفقراء، المتحف الذي يذهب المواطن لزيارته، بل حتى البرامج الإذاعية التي يسمعها. وبطبيعة الحال الجيش الذي يدافع عنه، والوجبة التي يتناولها. إن مثل هذا الوضع يقوض دعائم الأخلاقيات الاجتماعية وأي إحساس بالعزة القومية. والصهيونية تستمد شرعيتها أمام اليهود من ادعائها أنها حولتهم إلى شعب له كرامته القومية مثل كل الشعوب».[2]

ونجحت الحركة الصهيونية، ثم إسرائيل بعد تأسيسها في استغلال «الهولوكوست» بشكل كبير، ليس فقط في الحصول على دعم سياسي لإقامة دولة للصهاينة اليهود، وإنما أيضًا في الحصول على دعم مالي ألماني يُعرف بـ«التعويضات»، على أنه «تعويض» من الحكومة الألمانية لإسرائيل، التي أصبحت تقدم نفسها، من خلال حكومتها، على أنها الممثل الشرعي والوحيد، ليس فقط لكل يهود العالم، وإنما لكل ضحايا الجرائم النازية التي وقعت كلها قبل قيام إسرائيل نفسها.

ويمكن القول إن «التعويضات» الألمانية كانت حدثًا استثنائيًا في حياة إسرائيل، من ناحية حجم المبالغ التي تدفقت أو أوجه إنفاقها. فلقد أسهمت التعويضات بدرجة كبيرة في تغيير بنية الاقتصاد، خصوصًا في تلك الفترة التأسيسية المهمة والحساسة، حيث صارت البلاد تعتمد على الصناعة أساسًا. وإذا كانت أموال الحقبة الأولى قد خلقت القاعدة الصناعية، فإن ما تدفق من موارد بعد ذلك مكن الصناعة الإسرائيلية من تحديث وتطوير نفسها، والدخول من الباب الواسع إلى طور الثورة الصناعية الثانية.

كما تعد الولايات المتحدة الأمريكية، حاليًا، الراعي الأكبر والأول لإسرائيل، ليس فقط من الناحية السياسية، وإنما أيضًا من الناحية الاقتصادية. حتى أن الدكتور عبد الوهاب المسيري، يصفها في موسوعته «اليهود واليهودية والصهيونية» بأنها «الراعي الإمبريالي» بامتياز لإسرائيل.

كانت الولايات المتحدة أول من اعترف بإسرائيل، وذلك بعد مضي دقائق على إعلان قيامها في 15 مايو 1948. وبعد أسـابيع منحـتها قرضاً قيمته 100 مليون دولار. إلا أن الدعم العسكري والاقتصادي منذ الخمسينيات حتى منتصف الستينيات كانا متواضعين، لاعتماد إسرائيل في تلك الفترة من الناحية الاقتصادية على «التعويضات» الألمانية، حتى بدأ التبدل النوعي في العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية بعد حرب 1967 مباشرةً في عهد الرئيس ليندون جونسون.

ويشير أحد التقديرات إلى أن إجمالي ما حصلت عليه إسرائيل من معونة أمريكية حتى عام 1996 يبلغ 78 مليار دولار، منها ما يزيد على 55 مليار دولار منحة لا تُرد. بينما ترفع بعض التقديرات الأخرى مبلغ المعونة الفعلية إلى أعلى من هذا بكثير.[3]

ويرى الدكتور عبد الوهاب المسيري أن المبالغ الفعلية التي تحصل عليها إسرائيل من الحكومة الأمريكية أكبر بكثير مما هو معلن ورسمي، لتصل إلى ما بين 5.5 مليار دولار و6.5 مليار دولار، أي أن ما تحصل عليه إسرائيل يعادل تقريباً ضعف ما تظهره الأرقام الخاصة ببرنامج المعونة الأمريكية الخارجية لإسرائيل وهي 3 مليارات دولار.

كما برهن «رأس المال اليهودي» على أنه احتياطي استراتيجي بالغ الأهمية بالنسبة إلى إسرائيل، سواء لناحية تعويضه نقص تدفق الأموال الأمريكية على إسرائيل أو لناحية قدرته على توفير مليارات الدولارات لإسرائيل حين تكون تحت حاجة ماسة، وحين تكون واقعة تحت ضغط سياسي من الدول المانحة.

ويعد يهود الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة أثريائهم، أحد أهم مصادر الجباية اليهودية في العالم كله، وذلك من خلال عدد من منظمات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، التي يتواجد بها حوالي 200 مؤسسة تعمل في مجال جمع التبرعات لإسرائيل، من أشهرها مؤسسة «النداء اليهودي المتحد»، ومنظمة «سندات دولة إسرائيل»، إضافة إلى «أيباك» أكبر منظمات اللوبي الصهيوني.

والمتابع للاقتصاد الإسرائيلي يستطيع أنه يرى بوضوح كيف ساهمت المعونات في حل المشاكل الاقتصادية لإسرائيل، وكيف حمت إسرائيل طوال عقود من جميع الهزات. والأكثر من هذا أن هذه المعونات غطت تكاليف الحروب الإسرائيلية الكثيرة والغارات التي لا تنتهي. وبالتالي قُدِّر للعقيدة الصهيونية أن تستمر، لأن الإسرائيليين لا يدفعون بتاتاً ثمن العدوانية أو التوسعية الصهيونية. كما مولت هذه المعونات عملية الاستيطان باهظة التكاليف، وحققت للإسرائيليين مستوىً معيشياً مرتفعاً كان له أكبر الأثر في تشجيع الهجرة من الخارج وبخاصة من الاتحاد السوفيتي.

 

أولًا: «التعويضات» الألمانية

 

نجحت الحركة الصهيونية، ثم إسرائيل بعد تأسيسها في استغلال «الهولوكوست» بشكل كبير، ليس فقط في الحصول على دعم سياسي لإقامة دولة للصهاينة اليهود، وإنما أيضًا في الحصول على دعم مالي ألماني يُعرف بـ«التعويضات»، على أنه «تعويض» من الحكومة الألمانية لإسرائيل، التي أصبحت تقدم نفسها، من خلال حكومتها، على أنها الممثل الشرعي والوحيد، ليس فقط لكل يهود العالم، وإنما لكل ضحايا الجرائم النازية التي وقعت كلها قبل قيام إسرائيل نفسها.

بعد عامين فقط من قيامها، في 1950، أجرت إسرائيل وألمانيا محادثات تمهيدية، حول اتفاقية بين الجانبين تقضي بدفع ألمانيا «تعويضات» لإسرائيل، وهي الاتفاقية التي تم توقيعها في 10 سبتمبر 1952، وقد بلغت قيمة الاتفاق 3450 مليون مارك ألماني، أي ما يساوي 846 مليون دولار، بأسعار عام 1953، ولإدراك أهمية المبالغ المشار إليها في ذلك الحين، تجدر الإشارة إلى أن صافي واردات إسرائيل في ذلك العام بلغ 280 مليون دولار.[4]

كان الحديث عند توقيع الاتفاق الأول يدور حول 846 مليون دولار، لكن وقبيل انتهاء فترة الاتفاق في 28 مايو 1965، أعلن ناطق بلسان المستشار الألماني أن إسرائيل حصلت حتى ذلك التاريخ على مبلغ ستة مليارات و887 مليون دولار من أصل 11 مليارًا و 287 مليون دولار ستدفع في النهاية.

مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ عاد الناتج المحلي الإسرائيلي للتزايد بوتيرة عالية بعد أن كان قد حقق نتائج سلبية في عام 1953، وهو العام الذي بدأ في نصفه الثاني التنفيذ العملي للاتفاق. ولذا، لم تكن مصادفة عودة الناتج المحلي إلى التدني الشديد في عام 1966، وهو العام التالي لانتهاء العمل بالاتفاق في عام 1965.[5]

فضلًا عن اتفاق عام 1952، وقعت ألمانيي وإسرائيل، اتفاق آخر سنة 1953، وبدأ سريان مفعوله سنة 1954، وهو الأهم سواء لمدة سريانه أو لحجم المبالغ التي تدفقت بموجبه، فقد تلقت إسرائيل من ألمانيا خلال الفترة 1953- 2002، وبموجب الاتفاقين المذكورين 19 مليار و335 مليون دولار، وهذا المبلغ يساوي 23 ضعف الرقم الأصلي للتعويضات كما أقره اتفاق التعويضات سنة 1952.[6]

لم تتسلم إسرائيل التعويضات نقدًا، بل في شكل مشتريات من البضائع الألمانية والأجنبية، على مدار 12 عامًا، هي مدة تنفيذ الاتفاق، وقد تم قبول 80% من الاتفاق في صورة شحنات من سلع رأسمالية من جميع الأنواع.[7]

كما شملت «التعويضات» أيضًا، معونات عسكرية، حيث اعتمدت إسرائيل على المعونات العسكرية الألمانية خلال الخمسينيات والستينيات، وهي المساعدات التي قامت ألمانيا بموجبها بتمويل شراء إسرائيل لأسلحة أمريكية، مثل ما حدث في عام 1963 حينما قدمت ألمانيا 60 مليون دولار لتمويل شراء صفقة دبابات أمريكية الصنع لإسرائيل.[8]

إلى جانب اتفاقية «التعويضات» التي تقدمها ألمانيا لإسرائيل الدولة، تم توقيع اتفاق «تعويضات» آخر للأفراد، وسرى مفعول هذا الاتفاق في عام 1954، ومازال ساريًا.

وقد تدرجت قيمة مبالغ التعويضات الشخصية المدفوعة سنويًا من 6.1 مليون دولار و538 مليون دولار، و728 مليون دولار و747 مليون دولار و743 مليون دولار في المتوسط سنويًا، للفترات: 1953: 1985، و1986: 1990 و1995: 1996، و1996: 2000، و2001: 2002، على التوالي.[9]ويقول الدكتور عبد الوهاب المسيري، في موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية إن «التعويضات» الألمانية للأفراد تبلغ ما بين 700: 900 مليون دولار سنوياً.[10]

وتأتي الزيادة في «تعويضات» الأفراد، بعكس ما هو طبيعي، حيث المفترض أن تقل نسبة هذه «التعويضات» للأفراد، مع مرور الزمن، لا أن تزيد، لأن الطبيعي هو تناقص عدد المستفيدين منها مع مرور الزمن.

ويرى الدكتور حسين أبو النمل، أن هناك تضليلًا إعلاميًا إسرائيليًا حول قيمة «التعويضات» الألمانية التي دفعتها ومازالت تدفعها ألمانيا لإسرائيل، حيث تعمل وسائل الإعلام الإسرائيلية طوال الوقت على التقليل من أرقام التعويضات، وأشار أبو النمل إلى أن اتفاق التعويضات بين ألمانيا وإسرائيل، الذي كان يفترض أن ينتهي مفعوله سنة 1965، مازال ساريًا حتى عام 2002، وليس ما ينبئ بأن هنالك نهاية قريبة له.[11]

ويرجح بعض الباحثين أن تكون إسرائيل قد وقعت أكثر من اتفاقية مع ألمانيا قبل انتهاء مدة العقد الأول، على الاتفاقية الأولى، وأنها ستحصل بموجب هذه الاتفاقيات على أكبر قدر من المساعدات، حتى عام 2030.[12]

ويمكن القول إن التعويضات الألمانية كانت حدثًا استثنائيًا في حياة إسرائيل، من ناحية حجم المبالغ التي تدفقت أو أوجه إنفاقها. فلقد أسهمت التعويضات بدرجة كبيرة في تغيير بنية الاقتصاد، خصوصًا في تلك الفترة التأسيسية المهمة والحساسة، حيث صارت البلاد تعتمد على الصناعة أساسًا. وإذا كانت أموال الحقبة الأولى قد خلقت القاعدة الصناعية، فإن ما تدفق من موارد بعد ذلك مكن الصناعة الإسرائيلية من تحديث وتطوير نفسها، والدخول من الباب الواسع إلى طور الثورة الصناعية الثانية.

وتشير المصادر الألمانية نفسها إلى أن «ألفي مشروع صناعي من الحجم المتوسط حصلت على الآلات من الشحنات التي وردت بموجب الاتفاق. وليس من المبالغة القول في وصف الشحنات التي وردت بأنها كانت تشكل عنصرًا أساسيًا واضحًا لذلك الاتفاق في جميع أنحاء إسرائيل، وبصفة خاصة في المناطق ذات الأهمية الصناعية، مما يوضح المساهمة التي كان أثرها بناء وفعالًا بأكثر من مجرد قيمة الأرقام في ذلك الوقت بالذات»، وهي فعلًا كذلك، لأن البرنامج التصنيعي الشامل الذي نُفذ، أعطى إسرائيل طابع الدولة الصناعية بما للكلمة من معنى.[13]

 

ثانيًا: المساعدات الأمريكية

 

تعد الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الأكبر والأول لإسرائيل، ليس فقط من الناحية السياسية، وإنما أيضًا من الناحية الاقتصادية. حتى أن الدكتور عبد الوهاب المسيري، يصفها في موسوعته «اليهود واليهودية والصهيونية» بأنها «الراعي الإمبريالي» بامتياز لإسرائيل.

كانت الولايات المتحدة أول من اعترف بإسرائيل، وذلك بعد مضي دقائق على إعلان قيامها في 15 مايو 1948. وبعد أسـابيع منحـتها قرضاً قيمته 100 مليون دولار. إلا أن الدعم العسكري والاقتصادي منذ الخمسينيات حتى منتصف الستينيات كانا متواضعين، لاعتماد إسرائيل في تلك الفترة من الناحية الاقتصادية على «التعويضات» الألمانية، حتى بدأ التبدل النوعي في العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية بعد حرب 1967 مباشرةً في عهد الرئيس ليندون جونسون.

وفي الأيام الأولى لحرب 1973، أقامت الولايات المتحدة جسراً جوياً بينها وبين إسرائيل، إذ نقلت إلى إسرائيل في أيام قليلة 22 ألف طن من العتاد العسكري لتعويضها عن خسائرها التي مُنيت بها.

وقد تطوَّرت المساعدات الأمريكية لإسرائيل وتصاعدت خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات، وحدثت القفزة الكبيرة بعد حرب 1973 حتى وصلت إلى 3 مليار دولار تقريباً سنوياً طبقاً للإحصاءات الأمريكية الرسمية منها 1.8 مساعدات عسكرية، 1.2 مساعدات اقتصادية. وقد أخذ طابع المساعدات منذ الثمانينات يتحوَّل إلى المنح بدلاً من القروض.[14]

وبلغت المساعدات والقروض الأمريكية لإسرائيل 31.6 مليار دولار فيما بين 1950-1985، شكلت أكثر من نصف الرساميل التي تدفقت على إسرائيل، خلال المدة نفسها، والتي بلغت 61 مليار دولار.[15]

كما ارتفعت نسبة المساعدات من جملة التحويلات الأمريكية لإسرائيل من 7% سنة 1965 إلى 32.7% سنة 1975، فإلى 52% سنة 1980، و55% سنة 1981، و53% سنة 1982، و59% سنة 1983، و71% سنة 1984، و100% سنة 1985.[16]

حيث تقوم الولايات المتحدة الأمريكية، كل فترة، بتحويل القروض طويلة الأجل لإسرائيل إلى منح لا ترد، وذلك كنوع من أنواع المساعدات التي تقدمها لإسرائيل. ونجد تأكيدًا لذلك في أنه مع عام 1985، اعتبرت الولايات المتحدة جميع المبالغ المقدمة من قبلها لإسرائيل مساعدات.

ويشير أحد التقديرات إلى أن إجمالي ما حصلت عليه إسرائيل من معونة أمريكية حتى عام 1996 يبلغ 78 مليار دولار، منها ما يزيد على 55 مليار دولار منحة لا تُرد. بينما ترفع بعض التقديرات الأخرى مبلغ المعونة الفعلية إلى أعلى من هذا بكثير.[17]

ويرى الدكتور عبد الوهاب المسيري أن المبالغ الفعلية التي تحصل عليها إسرائيل من الحكومة الأمريكية أكبر بكثير مما هو معلن ورسمي، لتصل إلى ما بين 5.5 مليار دولار و6.5 مليار دولار، أي أن ما تحصل عليه إسرائيل يعادل تقريباً ضعف ما تظهره الأرقام الخاصة ببرنامج المعونة الأمريكية الخارجية لإسرائيل وهي 3 مليارات دولار.

وتقف وراء هذه الفجوة بين المعونة المعلنة والمعونة الفعلية عدة أسباب، من بينها على سبيل المثال، تخصيص بعض الوزارات برامج دعم لإسرائيل خارج نطاق المعونة الرسمية، إضافة إلى التيسيرات الهائلة التي تحصل إسرائيل بموجبها على حصتها من برنامج المعونة، كونها الدولة الوحيدة في العالم التي تحصل على المعونة الاقتصادية نقداً ومرة واحدة وهو ما يرفع عن كاهلها أعباء مصاريف بنكية تصل إلى 60 مليون دولار، ولأنها مستثناه من قانون استخدام أموال المعونة العسكرية لشراء معدات عسكرية أمريكية، بل إن لها الحق في استخدامها في شراء معدات مُصنَّعة في إسرائيل.[18]

إضافة إلى ما سبق توجد  التسهيلات الائتمانية والقروض، التي هي من حيث المضمون أقرب إلى المنحة منها إلى القرض، إضافة إلى منح الولايات المتحدة الأمريكية للبنوك التي تقدم قروض لإسرائيل، في عام 1992 ضمانات حكومية للقروض، بمبلغ عشرة مليارات دولار، لكي تقوم إسرائيل بالاستفادة من هذه القروض، على مدى عشر سنوات.[19]

كما تعمد إسرائيل إلى خرق العديد من القوانين الأمريكية إذا تصادمت مع مصالحها، بل وتعمل الحكومة الأمريكية نفسها إلى التحايل على هذه القوانين لإرضاء إسرائيل، ففي عام 1993، قرر الكونجرس خصم واحد دولار من المعونة مقابل كل دولار تستخدمه إسرائيل في بناء المستوطنات في غزة والضفة الغربية، واعترفت إسرائيل بأنها أنفقت بالفعل 437 مليون دولار على المستوطنات وهو ما كان يعني خصم القيمة نفسها من المعونة، فقررت إدارة الرئيس بيل كلينتون تزويد إسرائيل بـ 500 مليون دولار إضافية مقابل ذلك الخصم، وهو ما يعني زيادة 63 مليون دولار على المعونة،[20] لم تكن لتستلمها لو التزمت الحكومة الأمريكية بالقانون الذي سنه الكونجرس.

 

ثالثًا: الجباية اليهودية

 

حتى من قبل نشأتها لعبت الحركة الصهيونية، والوكالة اليهودية تحديدًا، دورًا كبيرًا في إقامة إسرائيل، ثم لعبت دورًا مماثلًا بعد ذلك في الحفاظ على بقاء هذه الدولة، من خلال جمع الأموال من الصهاينة اليهود في أنحاء العالم لتقديم الأموال لإسرائيل كتبرعات تساعد اقتصادها.

وقد برهن «رأس المال اليهودي» على أنه احتياطي استراتيجي بالغ الأهمية بالنسبة إلى إسرائيل، سواء لناحية تعويضه نقص تدفق الأموال الأمريكية على إسرائيل أو لناحية قدرته على توفير مليارات الدولارات لإسرائيل حين تكون تحت حاجة ماسة.

ويعد يهود الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة أثريائهم، أحد أهم مصادر الجباية اليهودية في العالم كله، وذلك من خلال عدد من منظمات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، التي يتواجد بها حوالي 200 مؤسسة تعمل في مجال جمع التبرعات لإسرائيل، من أشهرها مؤسسة «النداء اليهودي المتحد»، ومنظمة «سندات دولة إسرائيل»، إضافة إلى «أيباك» أكبر منظمات اللوبي الصهيوني.

وأصبحت المساعدات غير الحكومية التي تتلقاها إسرائيل من أفراد ومؤسسات داخل الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أصبحت منذ منتصف السبعينيات ثاني أكبر مصدر لتدفُّق رؤوس الأموال الخارجية على إسرائيل بعد الحكومة الأمريكية.[21]

وتشير بعض التقارير أن قيمة تحويلات اليهود من الخارج، أو المنظمات الصهيونية في الخارج، وتصل إلى حوالي 50: 60% من إجمالي التدفقات المالية التي تحصل عليها إسرائيل. وفي عام 1985، الذي شهد عجزاً في الميزان التجاري، بلغت هذه المساعدات حوالي 97%من إجمالي المساعدات، نتيجة تحويل القروض الأمريكية المقدمة لإسرائيل إلى منح بالكامل، لا ترد.[22]

وكشف بحث أجراه معهد «كوهين» الأميركي في بوسطن، عن بلوغ المعونة المالية التي يقدمها يهود الولايات المتحدة إلى 2.1 مليار دولار في العام، خلال العقد الأخير، بحسب آخر الإحصاءات المتوفرة، وهي عن عام 2007،  وجاء في البحث أنه في الوقت الذي بلغت فيه مجمل التبرعات اليهودية لإسرائيل في عام 1994 نحو 1.08 مليار دولار، بلغت تبرعات المنظمات اليهودية الأميركية في عام 2007 لإسرائيل 2.1 مليار دولار. وهذا المبلغ انخفض قليلا في عامي 2008 و2009 بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، لكنه عاد ليرتفع في 2010 و2011 و 2012.

وجاء في البحث أنه في عام 2007، آخر عام تتوفر فيه إحصاءات رسمية، تم تحويل 500 مليون دولار للمنظمات الصهيونية مثل الوكالة اليهودية، و400 مليون دولار لمؤسسات تعليم علمانية، و370 مليون دولار لمنظمات رفاه اجتماعي، و130 مليون دولار لمؤسسات تعليم دينية، ونحو 90 مليون دولار لمؤسسات ثقافية وفنية. وأضاف أن التبرعات اليهودية ذات الأغراض السياسية، وزعت بالتساوي ما بين منظمات اليمين واليسار، 50 مليون دولار لكل منهما. ولكن هناك أموال أخرى غير رسمية تصل بالأساس إلى منظمات اليمين بشكل غير رسمي، لا تدخل في هذا الحساب.[23]

وتزداد هذه المعونات المالية في أوقات الحروب وتكثيف الاستيطان، والأزمات المالية، لذلك حصلت على حوالي 350 مليون دولار، عام 1990، من خلال تحويلات الوكالة اليهودية في الخارج، لتمويل عملية استيعاب المهاجرين الجدد، من خلال حملة تبرعات قامت بها هذه الوكالة، وفي عام 1991، حصلت على مبلغ 1228 مليون دولار.[24]

وتشير بعض التقديرات إلى أن المساعدات التي حصلت عليها إسرائيل من مصادر غير حكومية في الفترة من 1948 إلى 1986 قد بلغت 24.5 مليار دولار موزعة على النحو التالي: 6.5 مليار مساعدات أفراد و11 مليار مساعدات مؤسسات و7 مليارات قيمة سندات دولة إسرائيل. وقد صبت هذه المعونات في تجمُّع بشري يبلغ عدد سكانه وقتها أقل من خمسة ملايين.[25]

وتعد سندات الدين الإسرائيلي مالًا سياسيًا بامتياز، وهي عبارة عن قروض طويلة الأجل تستحق السداد، على الغالب، بعد 15 سنة من تاريخ إصدارها، كما أن الفائدة عليها تصل إلى 4: 5.5%، وعلى ذلك، فإن الحديث عن الأموال المتدفقة على إسرائيل تحت عنوان «سندات الدين» هو كالحديث عن أية قروض طويلة الأجل، إلا أن استثمار أموال هذه السندات يجعل إسرائيل هي المستفيد الأكبر منها.

ويرصد الدكتور حسين أبو النمل، تزايد الرصيد التراكمي لهذه السندات، حيث بلغ 719 مليون دولار سنة 1967، فقد لامس عتبة المليار دولار سنة 1970، وقد تخطى عتبة الملياري دولار عام 1976، واستمر على تصاعده، بحيث تجاوز سنة 1985 عتبة الثلاثة مليارات دولار، إذ بلغ في ذلك العام 3161 مليون دولار. وكان عام 1987 خاتمة تطور قبل عقدين، حيث بلغ رصيد السندات 3561 مليون دولار، أي حوالي خمسة أضعاف ما كان عليه عام 1967.

وإذا كان الرصيد التراكمي لسندات الدين قد زاد خلال العقدين 1967- 1987 بـ 2842 مليون دولار، فإنه ارتفع خلال عام واحد، هو عام 1988، إلى 8879 مليون دولار، وبذلك يكون زاد عما كان عليه سنة 1987 بـ 5318 مليون دولار، أي حوالي ضعف الزيادة التراكمية المحققة خلال العقدين 1967- 1987.

وكان ارتفاع الرصيد التراكمي خلال عام 1988 منطلقًا ليتخطى في عام 1989 عتبة الـ 10 مليارات دولار، وقد هدأ التصاعد خلال العامين 1990 و1991، ليقفز مع عام 1992 إلى 11.5 مليار دولار. واستمر رصيد سندات الدين متسارعًا ليبلغ سنة 1997، 21.4 مليار دولار، أي حوالي ضعف ما كان عليه قبل خمس سنوات. وقد وصل رصيد السندات مع نهاية عام 2002 إلى 24 مليار دولار، أي حوالي 2.4 أضعاف ما كان عليه عام 1990.[26]

لا مجال للتقليل من قيمة أي مبلغ تدفق على إسرائيل تحت عنوان سندات الدين أو خلافه، ولكن التوقيت الزمني والسياسي أعطى أهمية لا تقدر بمال لسندات الدين خلال الفترة 1988- 1993، والتي لم تؤد وظيفة اقتصادية فحسب، وإنما أيضًا وظيفة سياسية بالغة الأهمية أيضًا. لقد كانت إسرائيل، في ذلك الحين، أمام خيار تسهيل استيعابها للمهاجرين اليهود السوفيات خلال 1990- 2002، من خلال زيادة المساعدات الأمريكية مقابل تسهيل العملية السلمية، وهو ما تجنبته من خلال توفير مال سياسي يهودي، بديلًا لمال أمريكي كان مشروطًا سياسيًا حينذاك. حيث كانت إسرائيل تحت ضغط فعال لاستيعاب الهجرة الكثيفة لليهود السوفيات، وبأمس الحاجة إلى ساميل هائلة لاستيعاب تلكك الهجرة، ومن ناحية أخرى، تحت ضغط العملية السياسية التي توجت بمؤتمر مدريد، ربطت ضمانات القروض الأمريكية بتطور موقف الحكومة الإسرائيلية حينذاك من العملية السلمية.

 

رابعًا: أثر المعونات على اقتصاد إسرائيل

 

يختلف الاقتصاد الإسرائيلي عن أي اقتصاد في العالم، سواء في نشأته، حيث نشأ اقتصادًا متطورًا، لعدة أسباب أهمها الهجرات الصهيونية المتتالية، والتي نقلت إليه اليد الصناعية الماهرة، والعديد من العلماء، إضافة إلى المعونات الخارجية التي جعلت من إسرائيل دولة صناعية بما تحتويه الكلمة من معنى، عبر نقل مصانع بأكملها إلى إسرائيل، كما حدث في «التعويضات الألمانية»، أيضًا المساعدات الأمريكية، التي ساهمت في تغطية تكاليف الحروب الإسرائيلية، والجباية اليهودية، التي كانت بديلًا للمساعدات الأمريكية في كثير من الأحيان وساهمت في تغطية تكاليف الحروب والاستيطان، وأيضًا في تحرير إسرائيل من أي ضغوط قد تمارسها القوى الدولية عليها.

والمتابع للاقتصاد الإسرائيلي يستطيع أنه يرى بوضوح كيف ساهمت المعونات في حل المشاكل الاقتصادية لإسرائيل، وكيف حمت إسرائيل طوال عقود من جميع الهزات. والأكثر من هذا أن هذه المعونات غطت تكاليف الحروب الإسرائيلية الكثيرة والغارات التي لا تنتهي. وبالتالي قُدِّر للعقيدة الصهيونية أن تستمر، لأن الإسرائيليين لا يدفعون بتاتاً ثمن العدوانية أو التوسعية الصهيونية. كما مولت هذه المعونات عملية الاستيطان باهظة التكاليف، وحققت للإسرائيليين مستوىً معيشياً مرتفعاً كان له أكبر الأثر في تشجيع الهجرة من الخارج وبخاصة من الاتحاد السوفيتي.

ويرى الدكتور عبد الوهاب المسيري، بناء على تقديرات مختلفة، أن مجموع المساعدات الأمريكية لإسرائيل إضافة إلى «التعويضات» الألمانية والجباية اليهودية منذ عام 1949 وحتى عام 1996 بلغ ما يزيد عن 179.4 مليار دولار، موزعة بين 79.6 مليار دولار مساعدات حكومية أمريكية متنوعة، 60 مليار دولار «تعويضات» ألمانية، 19.4 مليار دولار جباية يهودية، 23.4 مليار دولار أصول أجنبية في إسرائيل.

ويضيف الدكتور المسيري في موسوعة «اليهود واليهودية والصهيونية: «وحتى إذا استبعدنا الأصول الأجنبية الموجودة في إسرائيل على اعتبار أنها قد توطنت فيها لاعتبارات اقتصادية (وهو أمر غير صحيح لأنها كانت دائماً دولة في حالة حرب أو توتر ولا تغري أي مستثمر بتوطين الاستثمارات فيها) فإن المساعدات الخارجية المعروفة التي تلقتها إسرائيل منذ إنشائها عام 1948 وحتى عام 1996 قد بلغت نحو 156 مليار دولار بالأسعار الجارية على مدى سنوات تلقي إسرائيل لها، وهي توازي ما يزيد عن 450 مليار دولار من دولارات الوقت الراهن(1996)».[27]

وقد أثرت «التعويضات» الألمانية على الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير، ليس فقط من ناحية حجم المبالغ التي تدفقت من برلين إلى تل أبيب، وإنما في أوجه إتفاقها، فقد أسهمت «التعويضات» بدرجة كبيرة في تغيير بنية الاقتصاد الإسرائيلي، فحولته من اقتصاد يعتمد على الزراعة بشكل أساسي، من خلال الاستيطان الزراعي، إلى اقتصاد صناعي، حيث أن ما تدفق من موارد بعد ذلك مكن الصناعة الإسرائيلية من تحديث وتطوير نفسها، والدخول من الباب الواسع إلى طور الثورة الصناعية الثانية.

وتشير المصادر الألمانية نفسها إلى أن «ألفي مشروع صناعي من الحجم المتوسط حصلت على الآلات من الشحنات التي وردت بموجب الاتفاق. وليس من المبالغة القول في وصف الشحنات التي وردت بأنها كانت تشكل عنصرًا أساسيًا واضحًا لذلك الاتفاق في جميع أنحاء إسرائيل، وبصفة خاصة في المناطق ذات الأهمية الصناعية، مما يوضح المساهمة التي كان أثرها بناء وفعالًا بأكثر من مجرد قيمة الأرقام في ذلك الوقت بالذات»، وهي فعلًا كذلك، لأن البرنامج التصنيعي الشامل الذي نُفذ، أعطى إسرائيل طابع الدولة الصناعية بما للكلمة من معنى.[28]

كما تلعب المعونات التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل دور كبير في الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تتسلمها إسرائيل معونات نقدية، وتستطيع بموجبها أن تشتري ما تريد من أي سوق في العالم، حتى من مصانع السلاح الإسرائيلية نفسها، وبحسب بعض قوانين الكونجرس، فإن هذه المعونات، نظريًا، قد تستخدم سلاح في يد الإدارة الأمريكية لمعاقبة إسرائيل، إلا أن المال السياسي الذي توفره المنظمات الصهيونية كبديل، وأيضًا نفوذ اللوبي الصهيوني في دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة، قد يدفع هذه الإدارات إلى التحايل على القانون الأمريكي من أجل دعم إسرائيل.

كما تمثل الجباية اليهودية، أحد أهم روافد دعم الاقتصاد الإسرائيلي، التي تعتمد عليها إسرائيل بشكل كبير، خاصة في مشاريع الاستيطان، حيث برهن «رأس المال اليهودي» على أنه احتياطي استراتيجي بالغ الأهمية بالنسبة إلى إسرائيل، سواء لناحية تعويضه نقص تدفق الأموال الأمريكية على إسرائيل أو لناحية قدرته على توفير مليارات الدولارات لإسرائيل حين تكون تحت حاجة ماسة.

وتبلغ الجباية اليهودية ليهود الولايات المتحدة وحدها 2.1 مليار دولار في العام، بحسب آخر الإحصاءات المتوفرة، وهي عن عام 2007،  . وانخفض هذا المبلغ قليلًا في عامي 2008 و2009 بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، لكنه عاد ليرتفع في 2010 و2011 و 2012.[29]

 

وهكذا، تبدو للمعونات المالية التي تصل إلى إسرائيل من مصادر شتى، تأثيرات سلبية أيضًا على اقتصادها، فالأزمة الاقتصادية العالمية، التي ضربت العالم كله، بما فيه إسرائيل، لم تؤثر على إسرائيل كما أثرت على بقية دول العالم فقط، وإنما أدت أيضًا إلى تراجع المساعدات الدوليةـ، وخاصة «الجباية اليهودية».

ومثل تراجع المعونات الخارجية لإسرائيل، أحد أوجه تضرر إسرائيل من الأزمة، إلا أنه في نفس الوقت لم ينقطع، تقول مسؤولة فرع واشنطن للفدرالية اليهودية سوزي غيلمان إن «الوضع الناشئ (الأزمة الاقتصادية) جديد علينا، ما من شك في أن الفدرالية ستواصل دعمها لإسرائيل، ولكن علينا أولًا أن نهتم بأنفسنا لأننا نعرف أن الناس ليس في إمكانهم تقديم نفس حجم التبرعات التي قدموها في السنة الماضية».[30]

تسببت الأزمة الاقتصادية العالمية في خسارة كبار الأثرياء اليهود في الولايات المتحدة، الذين يتبرعون لإسرائيل، ما لا يقل عن 20% من قيمة أموالهم في 2008، مقارنة بعام 2007، كما تضررت الصناديق التي كانت تقدم تمويلات من جراء البورصةـ إضافة إلى فقدان الجهات التي كانت تتبرع لإسرائيل مصالحها التجارية، ومنها ما أعلن إفلاسه، ومنها ما يواجه ضغوطًا ويشعر بحالة قلق من المستقبل على ضوء الأزمة المالية المتفاقمة.[31]

إلى جانب التأثيرات السلبية التي قد تتسبب فيها «الجباية اليهودية» على الاقتصاد الإسرائيلي، فإن ثمة تأثيرات سلبية أخرى، تسببت فيها أيضًا «التعويضات» الألمانية، التي خلقت بشكل فجائي فوري طبقة من الإسرائيليين الأثرياء (من أصل أوربي) تمكنوا من الانتقال من الأحياء الفقيرة إلى أحياء أكثر ثراء، وغيروا أسلوب حياتهم بشكل كامل. ويقول الدكتور عبد الوهاب المسيري إن: «هذه النقود السهلة (كما يسمونها)، أي النقود التي لم يكدَّ أحد من أجلها، تُعرِّض المجتمع لهزات اجتماعية وتُولِّد فيه التوترات».[32]

كما يرى الدكتور المسيري أن «التضخم المفرط» في إسرائيل ناجم في جزء كبير منه عن التدفق المسيس لرؤوس الأموال الذي بلغ في منتصف الثمانينيات معدلات فلكية (536% عام 1984)، والخفض المستمر في قيمة الشيكل (اضطرت الحكومة في النهاية لإلغائه واستبدال الشيكل الجديد به، حيث أصبح كل شيكل جديد يساوي 100 شيكل إسرائيلي) ساهم في تدهور قدرته الشرائية. وأوشك النظام المالي الإسرائيلي على الانهيار لولا تدخُّل الولايات المتحدة وقيامها بمد إسرائيل بمساعدة طارئة بلغت 1.5 مليار دولار مكنت الحكومة الإسرائيلية من تثبيت سعر الشيكل.[33]

 

المصادر

  • موسوعات
  • المسيري، عبد الوهاب. اليهود واليهودية والصهيونية. القاهرة.

http://www.elmessiri.com/

  • كتب
  • أبو النمل، حسين. الاقتصاد الإسرائيلي من الاستيطان الزراعي إلى اقتصاد المعرفة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
  • تقارير
  • تخوفات من تراجع تبرعات يهود العالم لإسرائيل بسبب الأزمة العالمية. رام الله: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية «مدار». 30 أكتوبر 2008.

http://www.madarcenter.org

  • دوريات
  • . رؤية: مجلة شهرية بحثية. السلطة الوطنية الفلسطينية: الهيئة العامة للاستعلامات.

http://www.idsc.gov.ps

  • صحف ومواقع إلكترونية
  • جريدة الشرق الأوسط. عدد 12172. 26 مارس 2012.

http://www.aawsat.com

2- موقع قناة الجزيرة. 9 ديسمبر 2012.

http://www.aljazeera.net

[1] – أبو مصطفى، نعيمة عبد ربه. القوة والضعف في الاقتصاد الإسرائيلي 1948- 1993. رؤية: مجلة شهرية بحثية. السلطة الوطنية الفلسطينية: الهيئة العامة للاستعلامات.

http://www.idsc.gov.ps/sites/STATE/arabic/roya/27/page10.html

[2] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0008.HTM

[3] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0009.HTM

[4] – أبو النمل، حسين. الاقتصاد الإسرائيلي من الاستيطان الزراعي إلى اقتصاد المعرفة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. ص 150.

[5] – المرجع السابق، ص 151.

[6] – المرجع السابق، ص 152.

[7] – المرجع السابق، ص 151.

[8] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0008.HTM

[9] – أبو النمل، حسين. الاقتصاد الإسرائيلي من الاستيطان الزراعي إلى اقتصاد المعرفة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. ص 155.

[10] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0008.HTM

[11] – أبو النمل، حسين. الاقتصاد الإسرائيلي من الاستيطان الزراعي إلى اقتصاد المعرفة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. ص 153.

[12] – أبو مصطفى، نعيمة عبد ربه. القوة والضعف في الاقتصاد الإسرائيلي 1948- 1993. رؤية: مجلة شهرية بحثية. السلطة الوطنية الفلسطينية: الهيئة العامة للاستعلامات.

http://www.idsc.gov.ps/sites/STATE/arabic/roya/27/page10.html

 

[13] – أبو النمل، حسين. الاقتصاد الإسرائيلي من الاستيطان الزراعي إلى اقتصاد المعرفة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. ص 151.

[14] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0009.HTM

[15] – أبو مصطفى، نعيمة عبد ربه. القوة والضعف في الاقتصاد الإسرائيلي 1948- 1993. رؤية: مجلة شهرية بحثية. السلطة الوطنية الفلسطينية: الهيئة العامة للاستعلامات.

http://www.idsc.gov.ps/sites/STATE/arabic/roya/27/page10.html

[16] – أبو النمل، حسين. الاقتصاد الإسرائيلي من الاستيطان الزراعي إلى اقتصاد المعرفة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. ص 173.

[17] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0009.HTM

[18] – المرجع السابق.

[19] – أبو مصطفى، نعيمة عبد ربه. القوة والضعف في الاقتصاد الإسرائيلي 1948- 1993. رؤية: مجلة شهرية بحثية. السلطة الوطنية الفلسطينية: الهيئة العامة للاستعلامات.

http://www.idsc.gov.ps/sites/STATE/arabic/roya/27/page10.html

[20] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0009.HTM

[21] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0009.HTM

[22] – أبو مصطفى، نعيمة عبد ربه. القوة والضعف في الاقتصاد الإسرائيلي 1948- 1993. رؤية: مجلة شهرية بحثية. السلطة الوطنية الفلسطينية: الهيئة العامة للاستعلامات.

http://www.idsc.gov.ps/sites/STATE/arabic/roya/27/page10.html

[23] – يهود الولايات المتحدة يضاعفون مساعداتهم المالية لإسرائيل لتبلغ 2.1 مليار دولار. جريدة الشرق الأوسط. عدد 12172. 26 مارس 2012.

http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=12172&article=669782&feature=

[24] – أبو مصطفى، نعيمة عبد ربه. القوة والضعف في الاقتصاد الإسرائيلي 1948- 1993. رؤية: مجلة شهرية بحثية. السلطة الوطنية الفلسطينية: الهيئة العامة للاستعلامات.

http://www.idsc.gov.ps/sites/STATE/arabic/roya/27/page10.html

[25] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0009.HTM

[26] – أبو النمل، حسين. الاقتصاد الإسرائيلي من الاستيطان الزراعي إلى اقتصاد المعرفة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. ص 155.

[27] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0010.HTM

[28] – أبو النمل، حسين. الاقتصاد الإسرائيلي من الاستيطان الزراعي إلى اقتصاد المعرفة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. ص 151.

[29] – يهود الولايات المتحدة يضاعفون مساعداتهم المالية لإسرائيل لتبلغ 2.1 مليار دولار. جريدة الشرق الأوسط. عدد 12172. 26 مارس 2012.

http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=12172&article=669782&feature=

[30] – تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على إسرائيل. الجزيرة. 9 ديسمبر 2012.

http://aljazeera.net/analysis/pages/cf8bd76f-e4f1-4f02-bc70-a1e2a555da81

[31] – تخوفات من تراجع تبرعات يهود العالم لإسرائيل بسبب الأزمة العالمية. رام الله: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية «مدار». 30 أكتوبر 2008.

http://www.madarcenter.org/mash-had-details.php?id=4282&catid=28

[32] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0010.HTM

[33] – المسيري، عبد الوهاب. موقع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المعونات الخارجية للدولة الصهيونية الوظيفية. http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG7/GZ1/BA2/MD6/M0011.HTM

الوسوم

أحمد بلال

صحفي مصري متخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، ورئيس تحرير موقع "إسرائيل الآن". عمل في عدة صحف مصرية وعربية، ويعمل حاليًا في صحيفة "المصري اليوم".

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق