إسرائيل والعالم

الدعم الأمريكي لإسرائيل: تعرف على أهم وجوهه وأهم الاتفاقيات بينهما

الدعم الأمريكي لإسرائيل | كتب- أحمد بلال:

 

نجح اللوبي الصهيوني في جعل الولايات المتحدة تعتبر إسرائيل كنزًا استراتيجيًا، ومسألة تمس الأمن القومي الأمريكي خاصة، وأمن العالم الغربي عامة، ولأن إسرائيل تعرف حقيقة دورها وأهمية موقعها، تصرفت انطلاقًا من ذلك، وارتقت العلاقة بينهما تبعًا لارتقاء دور إسرائيل ووزنها ومخططاتها وأهدافها البعيدة والقريبة.

على أرضية سياسية تزداد تماديًا ورسوخًا يومًا بعد يوم، شكلت الولايات المتحدة بالنسبة لإسرائيل موردًا استثنائيًا وثابتًا لاحتياجاتها.

على الصعيد التجاري فقد تم توقيع اتفاقية بين الدولتين عام 1975 صفت بأنها «وثيقة سخية ومتمادية»، وأنها «أهم من تلك التي وقعت بين إسرائيل والسوق الأوربية المشتركة»، ونصت على تزويد إسرائيل بالمواد الخام، وتشجيع الشركات الأمريكية على إقامة مخازنها في إسرائيل كي تستطيع تل أبيب أن تشتري منها مباشرة بأسعار منخفضة، إضافة إلى ضم إسرائيل إلى قائمة المزودين للمنتجات غير العسكرية التي تشتريها وزارة الدفاع الأمريكية، وتشجيع الاستثمار الأمريكي في إسرائيل، وإعطاء أفضلية للمنتجات الإسرائيلية في الولايات المتحدة.

وفي عام 1985 تم توقيع وسرى مفعول اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين البلدين، وبموجبها تم رفع الحواجز الجمركية المفروضة على الاستيراد في الدولتَين وفق برنامج محدد في الاتفاقية بحيث لا يحل عام 1995، إلا وتكون السلع المتبادلة معفاة من الرسوم الجمركية وتختفي بالكامل كافة القيود غير الجمركية والحماية، وتنطبق الاتفاقية على كافة فئات التبادلات التجارية بين البلدَين أيْ كلّ السلع الصناعية والزراعية من دون استثناء. وتنطبق أيضاً على تجارة الخدمات والاستثمار وحقوق ملكية الإبداع الفكري.

كما أتاحت الاتفاقية لإسرائيل الاشتراك في المشروعات المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية في كافة المجالات المدنية والعسكرية بالإضافة إلى تجارة الخدمات، مما أدى إلى  تسهيل عملية نقل التكنولوجيا إلى إسرائيل وتوطينها فيها وإتاحة الفرصة لها لمواصلة التركيز على الصناعات ذات التقنية العالية التي لا تتطلب وفرة في العمالة مثل الصناعات الإلكترونية والكيماوية والتسليحية، كما صحب تنفيذ هذه المشروعات التكنولوجية المشتركة تدفقات استثمارية أمريكية كبيرة وتبادل كثيف في الخبرات التقنية والأبحاث.

ومن الواضح أن ميزات وفوائد الاتفاقية لم تتوقف عند مظاهرها التجارية، بل استطاعت أن تفتح آفاقاً تكنولوجية جديدة أمام الاقتصاد الإسرائيلي وتطوير جهازه الإنتاجي وضخ الاستثمارات الأمريكية فيه، فهناك ميزات سياسية وإستراتيجية لا تقلّ أهمية عن الفوائد الاقتصادية والعلمية والتكاملية والتسويقية.

كما أكدت الاتفاقية التزاماً أمريكياً بالحفاظ على تنمية قدرات الاقتصاد الإسرائيلي وعلى تفوقها النوعي العسكري، هذه المميزات مكنت إسرائيل بالطبع من مواصلة تثبيت احتلالها وهيمنتها على الأرض العربية المحتلة، كما أن المشاركة في المشاريع الأمريكية سواء في المجال المدني أو العسكري، أتاحت لإسرائيل فرصاً كبيرة للنفاذ إلى الأسواق العربية، فضلاً عن اكتساب مساحات واسعة جديدة من النفوذ والوجود الفني والاقتصادي والسياسي والأمني في دول العالم الثالث وأوروبا.

كما لعب اللوبي الصهيوني دورًا كبيرًا أدى إلى وضع التكنولوجيا الأمريكية في متناول يد إسرائيل، سواء بحكم الاتفاقيات العلمية، أو بحكم وسائل إسرائيل الملتوية التي تمكنها من الحصول حتى على التكنولوجيا الأمريكية التي يحظر الكشف عنها، ويمكن الاستدلال على إسهام الولايات المتحدة في المجال التكنولوجي من خلال براءات الاختراع المنتجة في الخارج والمسجلة في إسرائيل.

ومع تسلم ريجان مقاليد السلطة، أطلق عنان مشاريع إسرائيل لاستخدام التكنولوجيا النووية في توليد الكهرباء، وتحلية مياه البحر، يشير ما هو معلن إلى أن الولايات المتحدة سنة 1981 ساعدت تقنيًا ومولت إقامة خمسة مفاعلات نووية سريعة وثنائية الغرض لتحلية المياه وإنتاج الكهرباء، في إسرائيل، إلى أن يتم إنجاز المفاعل الاستراتيجي.

وقدمت الولايات المتحدة الأمريكية يد المساعدة لإسرائيل في أبحاثها حول القنبلة الذرية عام 1955، عندما قام الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور بإدخالها في برنامجه الذي يحمل اسم «الذرة من أجل السلام»، وفي الفترة من 1955 إلى 1960 تلقى 56 إسرائيليًا تدريبهم في مراكز البحث التابعة لوكالة الطاقة الذرية الأمريكية.. وفي عام 1955 وافقت الولايات المتحدة على إقامة مفاعل ذري لإسرائيل قوته 5 ميجاوات، وتمت إقامته بالقرب من ناحال سوريك.

والتزمت الولايات المتحدة بضمان التفوق العسكري الإسرائيلي دائمًا في سياساتها تجاه إسرائيل كامتداد طبيعي لالتزامها بحماية أمن وسلامة تل أبيب وكثيرًا ما كانت الدبلوماسية الأمريكية تتحدث عنه بلغة الحفاظ على التوازن العسكري بين جانبي الصراع أي إسرائيل في جانب والدول العربية مجتمعة في الجانب الآخر. ولكن الدلالة الحقيقية لهذه المقولة تعني ضمان التفوق المطلق للقوة العسكرية الإسرائيلية في مواجهة القوة العسكرية العربية.

ونص البند الثالث من اتفاق التفاهم الأمريكي- الإسرائيلي على: «تقدم الولايات المتحدة ما تراه لازمًا من مساندة إلى ما تقوم به إسرائيل من أعمال لمواجهة انتهاكات على هذا النحو لمعاهدة السلام وخاصة إذا ما رأت أن انتهاك معاهدة السلام يهدد أمن إسرائيل بما في ذلك على سبيل المثال تعرض إسرائيل لحصار يمنعها من استخدام الممرات المائية الدولية وانتهاك بنود معاهدة السلام بشأن الحد من القوات أو شن هجوم مسلح على إسرائيل فإن الولايات المتحدة على استعداد لأن تنظر بعين الاعتبار وبأقصى سرعة في اتخاذ إجراءات مثل تعزيز وجود الولايات المتحدة في المنطقة وتزويد إسرائيل بالشحنات العاجلة وممارسةة حقوقها البحرية لوضع حد للانتهاك».

إضافة إلى التعاون العسكري الأمريكي- الإسرائيلي، فإنه يوجد اندماج بين مخابرات الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث أن التعاون مع إسرائيل في مجال تبادل المعلومات السرية يجري على نطاق لا نظير له. واستطاعت إسرائيل الحصول على خرائط لكل المطارات السورية والمصرية من المخابرات الأمريكية.

أحمد بلال

صحفي مصري متخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، ورئيس تحرير موقع "إسرائيل الآن". عمل في عدة صحف مصرية وعربية، ويعمل حاليًا في صحيفة "المصري اليوم".

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق