إسرائيل من الداخلالحياة السياسية

إشكالية الدستور في إسرائيل: لماذا لم تكتب تل أبيب دستورها حتى الآن؟

الدستور في إسرائيل | إسرائيل الآن | أحمد بلال |

مع تأسيسها عام 1948، كانت قضية الدستور في إسرائيل من القضايا المطروحة بشدة، إلا أن العامل البشري، وتأثيره على طبيعة النظام السياسي في إسرائيل، لعب دور أيضًا في مسألة كتابة دستور من عدمها، حيث انقسم مؤسسو الدولة إلى فريقين، الأول يطالب بكتابة دستور للدولة الوليدة، والآخر يرى في ذلك خطورة، ويطالب بتأجيل الأمر إلى مرحلة لاحقة، وتم حسم الأمر بالاعتماد على «قوانين الأساس»، وهي قوانين لأمور محددة أو هيئات بعينها مثل الكنيست والجيش، تأخذ قوة الدستور وتكون حاكمة.

ومنذ قيامها حتى الآن، لم تشهد إسرائيل دستورًا مكتوبًا، لتخوفها من حدوث ازدواجية أو صراع في المجتمع، وخاصة بين المعسكرين الديني والعلماني، فيما يتعلق بهوية الدولة، وبعض التعريفات الهامة التي تقوم الدولة عليها، بصفتها دولة «يهودية ديمقراطية» بحسب «وثيقة الاستقلال»، ومن هذه التعريفات أو الإشكاليات، إن شئنا، سؤال: «من هو اليهودي»؟!.

أيضًا، يرى البعض أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، لعبت ومازالت دورًا في عدم كتابة دستور لإسرائيل حتى الآن، لأنه يرى أن الدستور سيُخضع المؤسسة للسلطة المدنية، رغم أن أنظمة عديدة في العالم منحت جيوشها سلطة فاقت السلطة المدنية، مثل تركيا، التي منح دستورها للجيش حق الانقلاب على الحكومة الشرعية، إذا ما حادت عن علمانية الدولة، لذلك فإن الحديث عن دور للمؤسسة العسكرية في عدم كتابة الدستور في إسرائيل، هو قول ضعيف.

الدستور في إسرائيل

إشكالية الدستور في إسرائيل

 

بُعيد إعلان تأسيس إسرائيل، تم تكليف الكنيست الأول بالإعداد لدستور، إلا أن المناقشات طوال عام كامل لم تصل إلى نتيجة، حيث اعترض حزب ماباي الحاكم في ذلك الوقت على كتابة الدستور، بإيعاز من أول رئيس وزراء إسرائيلي، ديفيد بن جوريون، الذي رأى أن الدستور سيقيد النظام الإسرائيلي، وسيمنعه من التطور، وتذرع أيضًا بأن إسرائيل قائمة على الهجرة الصهيونية، وعندما تُكتمل الهجرة فقط يمكن كتابة الدستور في إسرائيل، حيث أنها في وجهة نظره «لم تكتمل أرضها ولم يكتمل شعبها».

إلى جانب اعتراضات ديفيد بن جوريون، كان هناك اعترضات أيضًا من التيار الديني اليهودي، الذي يؤمن بأن التوراة هي الدستور، وأن القوانين يجب أن تكون مستمدة من الشريعة اليهودية لا من غيرها، وهو ما كان من شأنه تفجير صراع ديني- علماني داخل الدولة الوليدة.

في عام 1950، قرر الكنيست تخويل لجنة الدستور والقانون لعمل مسودة دستور، تنطلق من ما يُعرف بـ«قوانين الأساس»، وهي قوانين ذات مكانة أعلى من القوانين العادية، ولا يمكن لقانون عادي أن يبطلها إلا بشروط خاصة وظروف معينة، ولا يتم تغييرها إلا بموافقة أغلبية غير عادية بالكنيست، على أن يتم صياغة الدستور في إسرائيل من مجموع قوانين هذه الأساس، عندما يكون هناك إحساس أنها كفيلة بصياغة دستور كامل، إلا أن هذه اللحظة لم تصلها إسرائيل بعد.

الدستور في إسرائيل

قوانين الأساس

 

ومن أهم قوانين الأساس التي تحكم إسرائيل، قانون أساس الكنيست، الذي تم إقراره في فبراير 1958، ولم ينص القانون على صلاحيات الكنيست، إلا أنه حدد طريقة الانتخابات، وحق الانتخاب والترشح، وفترة ولاية الكنيست، وحصانة أعضائه، كما ينص على منع أي قائمة من المشاركة في الانتخابات إذا كانت متهمة بثلاث أشياء:

(1) عدم الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية ديمقراطية.

(2) التحريض على العنصرية.

(3) دعم الكفاح المسلح ضد إسرائيل أو المنظمات «الإرهابية» العاملة ضدها.

كما يقلص هذا القانون قدرة أعضاء الكنيست من الانتقال من كتلة إلى أخرى أثناء انعقاد الدورة البرلمانية.

الدستور في إسرائيل

عنصرية قوانين الأساس

 

من قوانين الأساس الأخرى، قانون أساس «أراضي إسرائيل»، وهو قانون عنصري ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض، وخاصة فلسطينيي 48، حيث يستند القانون إلى ما يقول إنه «صلة مميزة» بين ما يُعرف باسم «شعب إسرائيل» و«أرض إسرائيل» (فلسطين)، وبموجب القانون تسيطر الدولة الإسرائيلية على كافة أراضي إسرائيل، وهي حوالي 90% من الأراضي المحتلة عام 1948، ويمنع القانون التصرف فيها، إلا بموجب الاستثناءات التي منحها القانون. الدستور في إسرائيل

قانون أساس رئيس الدولة، هو الآخر من القوانين الأساسية في إسرائيل، وتم إقراره في 1964، ونص على مكانة رئيس الدولة، وآلية انتخابه. من قوانين الأساس الهامة أيضًا التي سنها الكنيست، قانون أساس القدس عاصمة إسرائيل، الذي تم إقراره عام 1980، وهو قانون يرسخ مكانة مدينة القدس المحتلة كعاصمة لإسرائيل بموجب القانون. الدستور في إسرائيل

الوسوم

أحمد بلال

صحفي مصري متخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، ورئيس تحرير موقع "إسرائيل الآن". عمل في عدة صحف مصرية وعربية، ويعمل حاليًا في صحيفة "المصري اليوم".

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق